للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الزجّاج: إن «لا» ردّ، أى لا، ليس الأمر كما وصفوا، جرم أن لهم النار، أى وجب، حكى ذلك عن قطرب (١).

وقال غيرهما: إنّ «لا» زائدة، وجرم فعل ماض معناه: ثبت وحقّ، والفرّاء لا يرى زيادة «لا» فى أول الكلام، فجرم على قوله اسم منصوب بلا، على التّبرئة.

وقال أبو العباس المبرّد: إذا قلت: لا محالة أنك ذاهب، ولا بدّ أنك ذاهب، فأنّك: فى موضع رفع، بمنزلة «أفضل» فى قولك: لا رجل أفضل منك (٢).

وأقول: إن قوله: لا جرم إذا كان بمعنى لا بدّ ولا محالة [فإنّ حرف الجرّ مقدّر فى الخبر، فالتقدير: لا بدّ من أنّ لهم النار ولا محالة (٣)] في أنّ لهم النار، كما تقول:

لا بدّ من هذا، ولا محالة فى هذا.

والضّرب الثانى من ضروب «لا»: أنّ من العرب من شبّهوها بليس، فرفعوا بها الاسم، ونصبوا بها الخبر، وألزموا اسمها التنكير، فقالوا: لا رجل حاضرا، ولا غلام عندى، قال الشاعر:

من صدّ عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح (٤)

أراد: لا براح لى، وقد بسطت الكلام فى هذا النحو فيما تقدّم (٥)، وذكرت أن أبا الفتح عثمان لمّا ذكر فى تفسيره لشعر المتنبى قوله:

إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى ... فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا


= ٣/ ١٣٨، وإعراب القرآن للنحاس ٢/ ٨٤، وأمالى المرتضى ١/ ١١٠، وجواهر الأدب ص ٤٣٩، والخزانة ١٠/ ٢٨٣.
(١) معانى القرآن ٣/ ٢٠٧، وفيه: المعنى جرم فعلهم هذا أن لهم النار، أى كسب فعلهم أنّ لهم النار. وانظر جمال القرّاء ص ٥٨٧.
(٢) لم أجد هذا الكلام فى المقتضب، وإن تكلم على «لا جرم» فى ٢/ ٣٥١. وقد حكى النحاس رأى المبرّد هذا، راجع الموضع المذكور من إعراب القرآن.
(٣) سقط من الأصل، واستكملته من د.
(٤) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين.
(٥) فى المجلس المذكور، وأيضا فى المجلس الخامس والثلاثين.