للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فرحنا بكابن الماء يجنب وسطنا ... تصوّب فيه العين طورا وترتقى

وجعله الأعشى اسما بإسناد الفعل إليه، فى قوله (١):

أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط ... كالطّعن يهلك فيه الزّيت والفتل

واستعمال الحرف اسما بلفظه أقيس؛ لأنك تنزّله منزلة الاسم المبنيّ، كقولك: هل حرف استفهام، ومن حرف تبعيض، ولم حرف نفى، فإن قلت:

هل حرف استفهام، ولم حرف نفى، فنزّلته منزلة دم وغد، فجيّد.

وقد استعملوا حروفا أسماء على ضربين: ضرب أعربوه ونوّنوه، وضرب أعربوه ونوّنوه وشدّدوا آخره، كما قال (٢):

إنّ ليتا وإنّ لوّا عناء

وضرب جمعوا فيه الألف واللام والتشديد، فمن ذلك ما حكاه الخليل، قال:

«قلت لأبى الدّقيش: هل لك فى زبد وتمر؟ فقال: أشدّ الهلّ وأوحاه (٣)» وجاء فى شعر أبى نواس (٤):


(١) ديوانه ص ٦٣، وتخريجه فى كتاب الشعر ص ٢٥٦، وأيضا شرح الحماسة ص ١٠٨١، والموضع السابق من شرح الجمل. ويأتى فى المجلس الحادى والسبعين.
(٢) أبو زبيد الطائى. ديوانه ص ٢٤، وتخريجه فى ص ١٥٥، ومعجم الشواهد ص ٢٣، وصدره: ليت شعرى وأين منّى ليت
(٣) العين للخليل ٣/ ٣٥٢، والنص هناك بين علامتى زيادة لم ينصّ على مصدرها، والراجح أنها من التهذيب ٥/ ٣٦٣، والنص بتمامه: «وقال الخليل لأبى الدّقيش: هل لك فى الرّطب؟ قال: أشدّ هل وأوحاه، فخفّف، وبعض يقول: أشدّ الهلّ وأوحاه، بتثقيل»، وانظر زيادة بيان فى اللسان (هلل) وقوله «أوحاه» أى أعجله وأسرعه. و «أبو الدّقيش» من فصحاء الأعراب، أخذ عنه أشياخ اللغة الأوائل، ولم يعرف إلاّ بكنيته. انظر خبره فى مراتب النحويين ص ٤٠.
(٤) من أرجوزته الشهيرة فى الفضل بن الربيع، وزير الرشيد والأمين. وبعد هذا المنهوك: فيمن إذا غبت حضر تفسير أرجوزة أبى نواس، لابن جنى ص ٢٠٨، واللسان (هلل).