للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هل لك والهلّ خير

ومن المعرب المنوّن قول المتنبّى (١):

من اقتضى بسوى الهندىّ حاجته ... أجاب كلّ سؤال عن هل بلم

يقول: من اقتضى بسوى السيف حاجته أجاب كلّ سؤال يقال فيه: هل قضيت حاجتك؟ بقوله: لم تقض، وأراد بالحاجة هاهنا ما عظم من المطالب التى/ لا يكاد مثلها يدركه طالبه إلاّ بالسيف.

وذهب بعض الكوفيّين فى قولهم: غضبت من لا شيء، وخرجت بلا زاد (٢)، يريدون: من غير شيء، وبغير زاد، إلى أن «لا» فى هذا النحو اسم لدخول الخافض عليها، وقيامها مقام «غير» قال: وكذلك إذا استعملت فى وصف النكرة، كما جاء فى التنزيل: {إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ} (٣) وكما جاء: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ. لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} (٤) ومثله: {وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ. لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} (٥) وأنشد للأسود بن يعفر (٦):

تحيّة من لا قاطع حبل واصل ... ولا صارم قبل الفراق قرينا

بخفض «قاطع وصارم» قال: أراد تحيّة إنسان غير قاطع حبل من يصله، قال: وتقول: مررت برجل لا كريم ولا شجاع، بالخفض على ما تقدّم، ولا كريم


(١) ديوانه ٤/ ١٦٠، وانظره بشرح الواحدى ص ٧٢١، وشرح مشكل شعر المتنبى ص ٣١٠.
(٢) تقدم هذا فى المجلس الحادى والثلاثين، وانظر أيضا الأصول ١/ ٣٨٠، والجنى الدانى ص ٣٠١، والأزهية ص ١٦٩، وأوضح المسالك ٢/ ٥.
(٣) سورة البقرة ٦٨. و «فارض» تعرب بالرفع، على أنها خبر لمبتدإ محذوف، أو على أنها نعت لبقرة. و «دخلت» «لا» هنا لمعنى النفى فقط، وتركت الإعراب بحاله، كأنها غير موجودة. معانى القرآن للأخفش ص ١٠٣، ومشكل إعراب القرآن ١/ ٥٣، وضعّف أبو حيان الرفع على إضمار المبتدأ، قال: لأن الأصل الوصف بالمفرد. البحر ١/ ٢٥١، وانظر البرهان ٤/ ٣٦٠.
(٤) سورة الواقعة ٤٣،٤٤.
(٥) السورة نفسها ٣٢،٣٣.
(٦) ديوانه ص ٦٣، والنوادر ص ١٩٥.