للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنو تميم لزموا فيها القياس؛ لأنها من الحروف الداخلة على الجملتين الاسمية والفعلية، كهل، وحقّ ما يدخل على الجملتين أن لا يعمل؛ لأن العامل يجب أن يكون مختصّا بما يعمل فيه من اسم أو فعل (١).

تقول فى لغة أهل الحجاز: /ما زيد قائما، كما جاء فى التنزيل: {ما هذا بَشَراً} (٢) و {ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ} (٣) أجمع القرّاء والعرب على قراءتهم {بَشَراً} موافقة لخطّ المصحف، واختلفوا فى نصب {أُمَّهاتِهِمْ} ورفعها، فروى المفضّل عن عاصم رفعها (٤)، وأجمعت العرب على ترك إعمالها إذا قدّموا الخبر على المخبر عنه، أو نقضوا النّفي بإلاّ، فقالوا: ما قائم زيد، وما زيد إلاّ قائم.

وإنما منعوها العمل فى هاتين الحالتين؛ لأنها عملت بحكم الشّبه، لا بحكم الأصل فى العمل.

وحكم «ما» فى نفي «يفعل (٥)»، حكم «ليس» فى نفيها للحال دون المستقبل، فإذا قيل: زيد يصلّى الآن أو الساعة، قيل: ما يصلّى، كما يقال: ليس يصلّى، وكذلك إذا قيل: ما زيد مصلّيا، وليس زيد مصلّيا، لم يذهب باسم الفاعل إلاّ مذهب الحال.

والضرب الثامن: كونها مع الفعل بتأويل مصدره، كقولك: أعجبنى ما ضحكت! أى ضحكك، وسرّنى ما رجعت، أى رجوعك، وفى التنزيل:

{وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ} (٦) أى برحبها، وفيه: {بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ}


(١) راجع المقتضب ٤/ ١٨٨، وحواشيه.
(٢) سورة يوسف ٣١.
(٣) سورة المجادلة ٢.
(٤) السبعة ص ٦٢٨.
(٥) راجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم ٣/ ١٢٦.
(٦) سورة التوبة ٢٥، وجاء فى الأصل وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ وجاء صواب التلاوة فى د. وقد جاءت عَلَيْهِمُ فى سياق الآية ١١٨.