للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و «ثمّ» يشار به إلى ما توسّط بين القريب والمتراخى.

و «إذا» بمعناه، تقول: خرجت فإذا زيد، معناه فثمّ زيد، وإن شئت:

فهناك زيد.

وخصّوا «ثمّ» بالبناء على الفتح؛ لثقل التضعيف، فأعطوه أخفّ الحركات، كما فعلوا ذلك في إنّ وأنّ وكأنّ وثمّ وربّ ولعلّ.

وقد استعملوا «إذا» هذه بمعنى الفاء فى جواب الشرط، كقوله تعالى:

{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ} (١).

وقد قدّمت ذكر العلّة التى استحقّ بها «قبل وبعد» البناء، والعلّة التى استحقّا بها الضمّة دون غيرها.

ويدلّ على استعمالهما للمكان إخبارك بهما عن الأشخاص، فى نحو قولك:

الجبل قبل الوادى، والوادى بعد الجبل، وتقول إذا استعملتهما للزمان: جئت قبلك وبعد زيد، أى جئت وقتا قبل الوقت الذى جئت فيه، وجئت وقتا بعد الوقت الذى جاء فيه زيد.

وممّا شبّهوه بهذا الضّرب قولهم: جئت من عل، يريدون: من عليه، وابدأ بهذا أوّل، أى أوّل الأشياء، قال:

لعمرك ما أدرى وإنّى لأوجل ... على أيّنا تعدو المنيّة أوّل (٢)

ومن الظّروف المكانيّة المشبّهة بقبل وبعد: خلف وقدّام، يقولون: أتيت زيدا


(١) سورة الروم ٣٦. ويَقْنَطُونَ ضبطت بكسر النون فى الأصل وط، وهى قراءة أبى عمرو والكسائى، وكذا يعقوب وخلف، ووافقهم اليزيدىّ والحسن والأعمش، والباقون بفتحها. السبعة لابن مجاهد ص ٣٦٧، عند الآية (٥٦) من سورة الحجر. والإتحاف ٢/ ١٧٧،٣٥٧.
(٢) فرغت منه فى المجلس الموفى الأربعين.