للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} وإن كان قوله: {أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} بمنزلة نطقكم.

و {ما} فى قوله: {مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} زائدة كزيادتها فى قوله:

«ممّا خطاياهم» (١) وقوله: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} (٢) و {عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ} (٣).

ومن نصب فقال: {مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} فيحتمل ثلاثة أوجه، أحدها:

أنه لمّا أضاف {مِثْلَ ما} إلى مبنيّ، وهو قوله: {أَنَّكُمْ} بناه كما بنى {يَوْمِئِذٍ} فى قوله: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} و {مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ}.

وكما بنى النابغة الجعديّ «الحين» فى قوله:

على حين عاتبت المشيب على الصّبا

وكما بنى الآخر «غير» فى قوله:

لم يمنع الشّرب منها غير أن هتفت

فغير فى موضع رفع بأنه فاعل يمنع.

وإنّما بنيت هذه الأسماء المبهمة، نحو: مثل وحين وغير ويوم، إذا أضيفت إلى المبنيّ، لأنها تكتسى منه البناء؛ لأنّ المضاف يكتسى من المضاف إليه ما فيه من التعريف والتنكير، والجزاء والاستفهام، تقول: هذا غلام زيد، فيتعرّف الاسم بالإضافة إلى المعرفة، وتقول: غلام من تضرب؟ فيكون استفهاما، وكما تقول:

صاحب من تضرب أضرب، فيكون جزاء، فمن بنى هذه المبهمة إذا أضافها إلى مبنىّ جعل البناء أحد ما يكتسيه من المضاف إليه، ولا (٤) يجوز على هذا: جاءنى


(١) سورة نوح ٢٥، وقد علّقت على هذه القراءة فى المجلس الرابع والأربعين.
(٢) سورة آل عمران ١٥٩.
(٣) سورة المؤمنون ٤٠.
(٤) فى الأصل: فلا.