للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحب خمسة عشر، ولا غلام هذا؛ لأنّ هذين من الأسماء غير المبهمة، والمبهمة فى إبهامها وبعدها من الاختصاص كالحروف التى تدلّ على/أمور مبهمة، فلما أضيفت إلى المبنيّة جاز ذلك فيها، والبناء على الفتح فى مثل قول سيبويه (١).

أراد أبو علىّ أنك إذا أضفت صاحبا إلى خمسة عشر، وغلاما إلى هذا، لم يجز فيهما، لإضافتهما إلى هذين المبنيين، البناء، كما جاز فى «مثل» لإضافتك إيّاه إلى {أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} لأن هذين الاسمين لا إبهام فيهما يتقضى بناءهما لإضافتهما إلى مبنىّ، كما فى «مثل» ونحوه من الإبهام والشّياع.

ثم قال أبو على: والقول الثانى: أن تجعل «ما» مع «مثل» بمنزلة شيء واحد وتبنيه على الفتح، وإن كانت «ما» زائدة، وهذا قول أبى عثمان المازنىّ، وأنشد أبو عثمان فى ذلك:

وتداعى منخراه بدم ... مثل ما أثمر حماض الجبل (٢)

فذهب إلى أنّ «ما» مع «مثل» جعلا بمنزلة شيء واحد، وقد يجوز أن لا يقدّر «مثل» مع «ما» كشىء واحد، ولكن يجعل مضافا إلى «ما» ويكون التقدير: مثل شيء أثمره حماض الجبل، فبناء «مثل» على الفتح لإضافتها إلى «ما» وهى غير متمكّن، ولا يكون لأبى عثمان حينئذ فى البيت حجّة على كون «مثل» مع «ما» بمنزلة شيء واحد، ويجوز أن لا يكون له فيه حجّة من وجه آخر، وهو أن يجعل «ما» مع الفعل بمنزلة المصدر، فيكون مثل إثمار الحمّاض، فيكون كقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ} (٣).


(١) دللت على موضعه فى الكتاب قريبا.
(٢) للنابغة الجعدىّ، رضى الله عنه، يصف فرسا. شعره ص ٨٧، والنبات للأصمعى ص ٢٤، والمعانى الكبير ص ٥٩٤، والأصول ١/ ٢٧٥، والبغداديات ص ٣٣٩، والكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٢٨٨، وشرح المفصل ٨/ ١٣٥، والمقرب ١/ ١٠٢، واللسان (حمض).
(٣) سورة البقرة ١٠، وقوله عز وجل يَكْذِبُونَ ضبط فى النّسخ الثلاث، بضمّ الياء وفتح الكاف وتشديد الذال. وهى قراءة نافع وابن كثير وأبى عمرو وابن عامر. وقرأ الثلاثة الباقون بفتح الياء وسكون الكاف وتخفيف الذال. السبعة ص ١٤١.