للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن التقدير: هي ثابتة للذين آمنوا [فى الحياة الدنيا (١)] فى حال خلوصها لهم يوم القيامة.

... قال أبو الفتح عثمان: «تقول: مررت بهند جالسة، ولا يجوز: مررت جالسة بهند، لأنّ حال المجرور لا يتقدّم عليه (٢)»، وهذا قول جميع النحويّين إلاّ ابن كيسان (٣)، فإنه أجاز تقديم حال المجرور عليه، واحتجّ بأن قال: العامل فى الحال على الحقيقة هو مررت، وإذا كان العامل هو الفعل لم يمتنع تقديم الحال، واحتجّ أيضا بقوله جلّ وعز: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ} (٤) قال: أراد إلاّ للناس كافّة، أى إلى الناس، يقال: خرج القوم كافّة، ولقيتهم كافّة، كما قال تعالى: {اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (٥).

وعلّة النحويّين فى امتناعهم من هذا أن العامل فى الحال هو العامل فى ذى الحال فى الأكثر، فالعامل فى الحال هاهنا هو الجارّ؛ لأنه عمل فى لفظ ذى الحال، ولم يكن كالفعل الذى عمل فى الموضع، وقاس النحويّون الخافض على الرافع والناصب، فلمّا خالفهما ألزموا حال المخفوض التأخير، وذلك أن الرافع والناصب يتقدّم الحال عليهما؛ لأن المرفوع والمنصوب يجوز تقديمه عليهما، تقول: خرج زيد مسرعا، وزيد خرج مسرعا، فلما جاز تقديم زيد على خرج، جاز تقديم الحال عليه، فقيل: مسرعا خرج زيد، وتقول فى عامل النصب فى ذى الحال: ضربت


(١) سقط من مطبوعة الهند.
(٢) اللمع ص ١٤٧.
(٣) راجع المقتضب ٤/ ١٧١،٣٠٣، وارتشاف الضرب ٢/ ٣٤٨. ثم انظر: ابن كيسان النحوى، للدكتور محمد إبراهيم البنا ص ١٥٨.
(٤) سورة سبأ ٢٨.
(٥) سورة البقرة ٢٠٨.