للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زيدا مشدودا، وزيدا ضربت مشدودا، فجاز لذلك: مشدودا ضربت زيدا، فقد رأيت كيف جاز تقديم ذى الحال المرفوع على الرافع، وذى الحال المنصوب/على الناصب، ولا يمكن تقديم المخفوض على الخافض، فامتنع لذلك تقديم الحال على ذى الحال المخفوض.

وقال أبو القاسم الثّمانينيّ: قد أجاز بعض النحويّين تقديم حال المجرور عليه، وقال: إنّ العامل فى الحال هو الفعل، والفعل متصرّف فى نفسه، فينبغى أن يتصرّف معموله، فيجوز تقديم الحال على صاحبها، قال: وهذا الذى ذكره ليس بصحيح؛ لأن الفعل عمل فى الجارّ والمجرور جميعا، وقد صارا كالشيء الواحد، فإن جاز أن يتقدّم الحال عليهما وجب أن تكون لهما معا، ومحال أن يكون للحرف حال. انتهى كلامه.

وأمّا ما تعلّق به ابن كيسان من قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ} فإن {كَافَّةً} ليس بحال من الناس، كما توهّم، وإنما هو على ما قاله أبو إسحاق الزجّاج: حال من الكاف فى {أَرْسَلْناكَ} والمراد (١) كافّا، وإنما دخلته الهاء للمبالغة فى الوصف، كدخولها فى علاّمة ونسّابة وراوية، أى أرسلناك لتكفّ الناس عن الشّرك وارتكاب الكبائر.

... ومن مسائل الحال: ضربى زيدا قائما، التقدير: إذ كان قائما، إن قيل هذا وقد مضى ضربه، وإذا كان قائما، إن قيل هذا وضربه متوقّع (٢).


(١) الذى ذكره أبو إسحاق الزجاج، فى معانى القرآن ٤/ ٢٥٤، قال: «المعنى أرسلناك جامعا للناس فى الإنذار والإبلاغ». وانظر المجلس الحادى والخمسين.
(٢) راجع نظير هذا فى المجلس السابع والثلاثين.