للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرّطب لا يتحوّل فيصير عنبا. وتقول: ما شأنك قائما، فما مبتدأ، وشأنك خبره، وقائما حال، العامل فيها معنى الكلام؛ لأنّ معنى ما شأنك؟ ما تلابس؟

فإن قلت: فهلاّ جعلت العامل فى الحال ما دلّ عليه الاستفهام (١) من معنى الفعل، فأجزت: هل زيد جالسا فى الدار؟.

قيل: هذا لا يجوز؛ لأن هذه الحروف إنما جاءوا بها نائبة عن الأفعال، فلو أعملوها فى الأحوال كان إعمالها بمنزلة إظهار الفعل، وهم إنما جاءوا بها اختصارا، فأمّا ليت وكأنّ ولعلّ، فاستجازوا إعمالهنّ فى الأحوال؛ لأنهنّ أشبهن الأفعال من جهة اللفظ والمعنى، فقوين بهذه المشابهة، فمشابهتهنّ للفعل من جهة اللفظ بناؤهنّ على الفتح كبناء الأفعال الماضية عليه، وأنّ عدّة حروفهنّ كعدّة حروف الفعل/الماضى، ثلاثة فما زاد، ومشابهتهنّ من جهة المعنى أنّ ليت بمعنى أتمنّى، ولعلّ بمعنى أترجّى، وكأنّ بمعنى أشبّه، ولا يجوز فى إنّ ولكنّ ما جاز فيهنّ؛ لأنهما لم يغيّرا معنى الكلام، بل أكّداه.

وقد أعملوا فى الحال كاف التشبيه، كما أعملوا فيها كأنّ، فقالوا: زيد كعمرو خاطبا، وبكر كبشر محاربا، وقوّة هذا الحرف بأنّ له حظّا فى الاسميّة بإسنادهم الفعل إليه، وإدخالهم الجارّ عليه، فإسناد الفعل إليه فى قول الأعشى:

أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط ... كالطّعن يهلك فيه الزّيت والفتل (٢)

وإدخال الجارّ عليه فى قول امرئ القيس:


(١) الاستفهام لا يعمل فى الحال. راجع المقتضب ٣/ ٢٧٣ وحواشيه.
(٢) فرغت منه فى المجلس السابع والستّين.