للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الحال قولهم: هو زيد معروفا، وفى التنزيل: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً} (١) فهذه حال مؤكّدة (٢)؛ لأن الحقّ لا يكون إلاّ مصدّقا، ومثله: {وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} (٣) لأنّ الاستقامة لزم (٤) صراط الله؛ ولأنّ قولك: هو زيد، قد دلّ على أنه معروف عندك، فجئت بقولك «معروفا» مؤكّدا به، قال (٥):

أنا ابن دارة معروفا بها (٦) ... نسبى

فهل بدارة يا للنّاس من عار

ولو قلت: هو زيد قائما، لم يجز؛ لأنه ليس فى «قائم» ما يدلّ على الأوّل. والعامل فى «معروفا ومصدّقا» وما أشبهه معنى الجملة، ولهذا لا يجيز النحويّون: معروفا هو زيد.

... ومن الحال-وقد تقدّم (٧) هذا الضّرب-قولهم: هذا بسرا أطيب منه رطبا.

فإن قلت: هذا رطب أطيب منه بسر، فقولك: «أطيب منه بسر» جملة فى موضع الصفة لرطب، ولو قلت: هذا رطب أطيب منه عنب، لم يجز فيه إلاّ الرفع، لأنّ


(١) سورة البقرة/٩١.
(٢) بيانها فى المقتضب ٤/ ٣١٠ وحواشيه.
(٣) سورة الأنعام ١٢٦.
(٤) هكذا ضبط فى ط، د، بفتح اللام والزاى. واللّزم: فصل الشىء، من قوله تعالى: لَكانَ لِزاماً أى فيصلا. وقيل: هو من اللّزوم. راجع اللّسان.
(٥) هو سالم بن مسافع بن يربوع، من بنى عبد الله بن غطفان. وعرف بسالم بن دارة، فقيل: دارة أمّه، سمّيت بذلك لجمالها، تشبيها بدارة القمر، وقيل: دارة لقب غلب على جدّه. وابن دارة هذا ممن أدرك الجاهلية والإسلام، وقتل فى خلافة عثمان رضى الله عنه. من نسب إلى أمّه من الشعراء، وأسماء المغتالين (نوادر المخطوطات) ١/ ٩٢،٢/ ١٥٦، والشعر والشعراء ص ٤٠١، والإصابة ٣/ ٢٤٧. والبيت الشاهد فى الكتاب ٢/ ٧٩، والبغداديات ص ٥٤٦، والبصريات ص ٦٦٣،٩٠٤، والخصائص ٢/ ٢٦٨،٣/ ٦٠، والبسيط ص ٥٢١. والخزانة ٣/ ٢٦٥، وانظر فهارسها، وحواشى البسيط.
(٦) فى النّسخ الثلاث: «لها» باللام، وليس محفوظا.
(٧) فى هذا المجلس.