للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا هو الأحسن، ويجوز: إنه هند شاخصة، فضمير الشّأن فى التنزيل: {إِنَّهُ أَنَا اللهُ} (١) وضمير القصّة: {فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ} (٢).

وقد جاء ضمير الفاعل مستترا مفسّرا بمفعول؛ لأنه لم يعد إلى مذكور، وذلك على مذهب البصريّين فى باب إعمال الفعلين، فى نحو: أكرمنى وأكرمت زيدا، أردت: أكرمنى زيد، فأضمرت زيدا ولم تحذفه، كما رأى حذفه الكسائىّ، وحسن إضماره لدلالة ما بعده عليه.

والضّرب الرابع: أن يعود الضمير إلى معلوم قد تقرّر فى النّفوس، فقام قوّة العلم به وارتفاع اللّبس فيه مقام تقدّم الذّكر له، كقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} (٣) و {ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ} (٤) أضمر الأرض، وكقوله: {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} (٥)، و {كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ} (٦)، أضمر النّفس والرّوح، وكقوله:

{إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (٧)، و {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ} (٨) أضمر القرآن (٩) والمسجد الحرام، وقال حاتم الطائىّ:

لعمرك ما يغنى الثّراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر (١٠)


(١) سورة النمل ٩.
(٢) سورة الحج ٤٦.
(٣) سورة الرحمن ٢٦.
(٤) الآية الأخيرة من سورة فاطر.
(٥) سورة الواقعة ٨٣.
(٦) سورة القيامة ٢٦.
(٧) أول سورة القدر.
(٨) سورة المؤمنون ٦٧.
(٩) هكذا فى النّسخ الثلاث «والمسجد» بالواو، والأولى أن تكون «أو». فقد قال الجمهور إن الضمير فى «به» عائد على الحرم أو المسجد أو البلد الذى هو مكة. وقالت فرقة: الضمير عائد على القرآن. تفسير القرطبى ١٢/ ١٣٦.
(١٠) فرغت منه فى المجلس التاسع.