للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/معنى الضبّع، فى قوله: «لم تأكلهم الضبّع» السّنة المجدبة، وروى أنّ رجلا جاء إلى النبىّ عليه السلام، فقال: «يا رسول الله، أكلتنا الضبّع (١)» يريد السّنة.

... روى عن أبى الحسن بن كيسان أنه قال: حضرت مجلس إسماعيل القاضى (٢)، وحضر أبو العباس المبرّد، فقال لى أبو العباس: ما معنى قول سيبويه: «هذا باب ما يعمل فيه ما قبله وما بعده (٣)» قال: فقلت: هذا باب ذكر فيه سيبويه مسائل مجموعة، منها ما يعمل فيه ما قبله، نحو قولهم: «أنت الرجل دينا، نصبوه على الحال، أى أنت الرجل المستحقّ الرّجوليّة فى حال دين، ومنها ما يعمل فيه ما بعده نحو قولهم: أمّا زيدا فأنا ضارب، فالعامل فى «زيد» هاهنا «ضارب» لأن «أمّا» لا تعمل فى صريح المفعول. ولم يرد سيبويه بقوله هذا أنّ شيئا واحدا يعمل فيه ما قبله وما بعده، هذا لا يكون. فقال لى أبو العباس: هذا لا يوصل إليه إلاّ بعد فكر طويل، ولا يفهمه إلاّ من أتعب نفسه، فقلت له: منك سمعت هذا، وأنت فسّرته لى، فقال: إنّى من كثرة فضولى فى جهد.

...


(١) أخرجه أحمد فى المسند ٥/ ١١٧،١٥٣،١٥٤،١٧٨،٣٦٨، وفى الموضع الأول أن الرجل جاء إلى عمر، رضى الله عنه. والهيثمىّ فى مجمع الزوائد (باب استعمال الذهب. من كتاب اللباس) ٥/ ١٥٠.
(٢) إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم. أبو إسحاق الأزدى القاضى. كان إماما فى العربية. كان المبرد يقول عنه: «القاضى أعلم منى بالتصريف». ولد سنة ٢٠٠، وتوفى سنة ٢٨٢، تاريخ بغداد ٦/ ٢٨٤، والبغية ١/ ٤٤٣.
(٣) لم أجده فى الكتاب بهذا العنوان. والذى وجدته فى صفحة ٣٨٤ من الجزء الأول (هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال صار فيه المذكور) وقد ذكر فيه عبارة «وعمل فيه ما قبله وما بعده»، ثم عولجت فيه المسألتان اللتان ذكرهما ابن كيسان: أنت الرجل دينا. وأمّا زيدا فأنا ضارب، مع بعض اختلاف فى العبارة.