للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عبّاد منحرفا عن المتنبي؛ لأنه طلب منه أن يمدحه فأبى، فأظهر لشعره معايب (١)، ونسبه إلى أنّ معانيه مسترقة، ثم عمد بعد هذا إلى استراق معنى منه بلفظه ووزنه وقافيته، وهو قوله:

وأخلاق كافور إذا شئت مدحه ... وإن لم أشأ تملى علىّ وأكتب (٢)

فقال الصاحب فى وصف قصيدة مدح بها سيف الدّولة:

وما هذه إلاّ وليدة ليلة ... يغور لها شعر الوليد وينضب (٣)

على أنها إملاء مجدك ليس لى ... سوى أنّه يملى عليّ وأكتب

أراد بالوليد: أبا عبادة البحترىّ.

... /قول أبى الطيّب (٤).

نهبت من الأعمار ما لو حويته ... لهنّئت الدّنيا بأنّك خالد


(١) وهو ما جمعه فى رسالته: الكشف عن مساوئ المتنبى، وآخر طبعاتها تلك التى صدرت عن دار المعارف بمصر مع الإبانة عن سرقات المتنبى للعميدىّ.
(٢) ديوانه ١/ ١٨١.
(٣) لم أجدهما فى ديوان الصاحب بن عباد، الذى نشره الشيخ محمد حسن آل ياسين ببغداد، ولا فى الفصل الذى ذكره الثعالبى فى ترجمته من اليتيمة ٣/ ٢٧٩، باسم «نبذ من ذكر سرقاته» ولا فى الفصل الذى ذكره فى ترجمة المتنبى ١/ ١٤٤، باسم «أنموذج لسرقات الشعراء منه». والبيتان أوردهما شارح ديوان المتنبى-الموضع السابق-عن ابن الشجرى، وإن لم يصرّح.
(٤) ديوانه ١/ ٢٧٧، وما ذكره ابن الشجرى من تفسير للبيت هو من كلام الواحدى فى شرحه ص ٤٦٦. وسيعيد ابن الشجرى إنشاده فى المجلس الأخير. والبلاغيون يستشهدون ببيت المتنبى هذا على لون من البديع يسمونه «الاستتباع» وهو المدح بشىء يستتبع المدح بشىء على وجه آخر؛ فإنه وصفه بالشجاعة على وجه استتبع مدحه بكونه سببا لصلاح الدنيا، حيث جعلها مهنأة بخلوده. ويسميه أبو هلال «المضاعفة» الصناعتين ص ٤٢٤، وانظر سر الفصاحة ص ١٤٧، وشرح الكافية البديعية ص ٢٨٩، ومعاهد التنصيص ٣/ ١٣٢، وأنوار الربيع ٦/ ١٤٨.