هذا من أحسن ما مدح به ملك، وهو مدح موجّه، أى ذو وجهين، كالثوب الموجّه، وذلك أنه مدحه فى النّصف الأول بالشجاعة وبالقدرة على نهب الأعمار، وفى النصف الثانى، بأنه لو عاش مقدار ما نهبه من الأعمار كانت الدنيا مهنّأة ببقائه، ولو قال: لبقيت خالدا، لم يكن المدح موجّها.
قال عليّ بن عيسى الرّبعىّ: المدح فى هذا البيت من وجوه، أحدها: أنه وصفه بنهب النّفوس دون الأموال.
والثانى: أنه كثّر قتلاه، بحيث لو ورث أعمارهم خلد فى الدنيا.
والثالث: أنه جعل خلوده صلاحا لأهل الدنيا، بقوله:
لهنّئت الدّنيا بأنك خالد
والرابع: أنّ جميع مقتوليه لم يكن ظالما فى قتلهم؛ لأنّه لم يقصد بذلك إلاّ صلاح الدّنيا وأهلها، فهم مسرورون ببقائه، فلذلك. قال:
لهنّئت الدنيا بأنّك خالد
أى هنّىء أهل الدنيا.
... أوّل من ذكر الطير التى تتبع الجيش لتصيب من لحوم القتلى، الأفوه الأودىّ فى قوله (١):