للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النّارِ} (١). فبعدت من الناصب لها، وهو {كَفَرُوا}، وكان الواجب على هذا المعرّب (٢) حيث أنكر قول الفرّاء، أن يعتمد على قول غيره، ولا يقتصر على ذكر قول مناف لقياس العربيّة.

قال أبو إسحاق الزّجّاج: كدأب آل فرعون: أى كشأن آل فرعون. كذا قال أهل اللغة. ويقال: دأبت أدأب دأبا ودأبا ودءوبا: إذا اجتهدت، وموضع الكاف رفع؛ لأنها فى موضع خبر ابتداء. المعنى: دأب هؤلاء كدأب آل فرعون والذين من قبلهم، أى اجتهادهم فى كفرهم وتظاهرهم على النبىّ، كاجتهاد آل فرعون فى كفرهم وتظاهرهم على موسى.

ولا يصلح أن تكون الكاف فى موضع نصب بكفروا، لأنّ كفروا فى صلة الذين، فلا يصلح: إنّ الذين كفروا ككفر آل فرعون؛ لأنّ الكاف خارجة من الصّلة، فلا يعمل فيها ما فى الصّلة (٣). انتهى كلام الزّجّاج.

وهذا القول منه قول من نظر فى كتاب الفرّاء؛ لأنه حكى كلامه بلفظه.

وقال علىّ بن عيسى الرّمّانىّ: كدأب آل فرعون: كعادتهم فى التكذيب بالحقّ، وقيل: كعادتهم فى الكفر، وقيل: شأنهم كشأن آل فرعون فى عقاب الله إيّاهم، والكاف فى {كَدَأْبِ} يتّصل بمحذوف، تقديره: عبادتهم كدأب آل فرعون، فموضع الكاف رفع؛ لأنها فى موضع خبر الابتداء، ولا يجوز أن يعمل فيها {كَفَرُوا}؛ لأنّ صلة {الَّذِينَ} قد انقطعت بالخبر. وهذا الكلام أيضا كلام من نظر فى كتاب الفراء.


(١) الآية السابقة.
(٢) هكذا ضبطت الراء بالتشديد فى النّسخ الثلاث.
(٣) معانى القرآن وإعرابه ١/ ٣٨٠، مع اختلاف يسير بالتقديم والتأخير.