للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا أبلغ سهيلا أنّنى ما عشت كافيكا

حيازيمك للموت فإنّ الموت لاقيكا (١)

فإن قيل: إن التمنّى ممّا لم يثبت كالرجاء والطّمع، فلا يقع على «أنّ» الثقيلة؛ لأنّها للتحقيق، فهى أشبه بأفعال اليقين، وإنما يقع التمنّى وما شاكله على «أن» الخفيفة؛ لأنها تخلّص الفعل للاستقبال، فهى أشبه بالطّمع والرجاء والتمنّى، من حيث تعلّقت هذه المعانى بما يتوقّع، ومنه قول لبيد:

تمنّى ابنتاى أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إلاّ من ربيعة أو مضر (٢)

قيل: لا يمتنع وقوع التمنّى على «أنّ» الثقيلة، كما لم يمتنع وقوع «وددت» عليها، ووددت وتمنّيت بمعنى واحد، فمن ذلك فى التنزيل: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} (٣).

ويدلّك على أن وددت وتمنّيت معناهما واحد، قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ} (٤). والمعنى: لو يجعلون والأرض سواء، كما قال: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً} (٥).

وهذا استدلال أبى علىّ.


= البيت لا يعتدّ بها فى تقطيعه. العمدة ١/ ١٤١ (باب الأوزان)، والعيون الغامزة ص ١٠١. والحيازيم: جمع الحيزوم، وهو الصدر، وقيل وسطه. وهو كناية عن التشمير للأمر والاستعداد له.
(١) فى ط: آتيكا.
(٢) فرغت منه فى المجلس الخامس والسبعين.
(٣) سورة الأنفال ٧.
(٤) سورة النساء ٤٢.
(٥) الآية الأخيرة من سورة النبأ.