للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجرى مجرى التّمنّى فيما ذكرته الخوف، وقد جاء: {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ (١) وقد جاء: {وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ} (٢). ومثل تمنّيت اشتهيت، وقد قال أبو تمام (٣):

مضى طاهر الأثواب لم تبق بقعة ... غداة ثوى إلاّ اشتهت أنها قبر

وجاء صريح التمنّى فى قول الآخر:

ما روضة إلاّ تمنّت أنّها ... لك مضجع ولخطّ قبرك موضع

ويجوز أن تكون «منى» منصوبة نصب الظروف، والجملة التى هى كان واسمها وخبرها نعت لها، فتتّصل «أنّ» بما قبلها، كأنه قال: فى منى كنّ لى أنّ البياض خضاب، أى فى جملة منى، كما قالوا: حقّا أنّك ذاهب، وأكبر ظنّى أنّك مقيم، يريدون: فى حقّ، وفى أكبر ظنّى، وإذا أردت معنى الظرفيّة فى «منى» فلك فى «أنّ» مذهبان، فمذهب سيبويه والأخفش والكوفيّين، رفع «أنّ» بالظرف، وكلّ اسم حدث يتقدّمه ظرف يرتفع عند سيبويه بالظّرف، ارتفاع الفاعل، وقد مثّل ذلك بقوله: غدا الرّحيل (٤)، وأ حقّا أنك ذاهب؟ والحقّ أنّك ذاهب؟ قال: حملوه على: أفى حقّ أنك ذاهب؟ قال: وكذلك إن أخبرت فقلت: حقّا أنك ذاهب، والحقّ أنك ذاهب، وأكبر ظنّى أنك ذاهب.

وإذا كان هذا مذهب سيبويه، مع من ذكرناه، فالمنية تقارب الظنّ، فيحسن أن تقول: أكبر مناى أنك ذاهب، فتنصب «أكبر» بتقدير «فى»،


(١) سورة يوسف ١٣.
(٢) سورة الأنعام ٨١.
(٣) ديوانه ٤/ ٨٤، من قصيدته الجهيرة فى رثاء محمد بن حميد الطائى.
(٤) الكتاب ٣/ ١٣٥. وانظر مسألة «الرفع بالظرف» فى الإنصاف ص ٥١، وحواشى كتاب الشعر ص ٢٦٥، وفهارسه ص ٦٦١.