للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّهما غلبا على الاسميّة، فلم يجريا على موصوف، وجمع المذكّر منهما على الأفاعل (١): الأباطح والأبارق، كما جمع الاسم عليه، كالأزمل والأزامل، ولم يجمعوا مؤنّثهما على قياس باب «حمراء» فيقولوا: بطح وبرق، لمفارقتهما له؛ من حيث لم يجريا على موصوف، بل شبّهوهما لتأنيثهما وفتح أوّلهما بباب «جفنة» فقالوا:

بطحاوات وبرقاوات، كصحراوات، كما شبّهوا باب «الكبرى» لتأنيثه وضمّ أوله بباب «غرفة» فقالوا: الكبر، كما قالوا: الغرف. وكذلك قالوا فى تكسيرهما:

بطاح وبراق، كجفان وقصاع.

فإذا سمّيت بأحمر وجمعته على الأحامر فهو أجدر من جمع الأبطح على الأباطح؛ لأنك قد أخرجت أحمر عن معناه، بنقله إلى العلميّة، والأبطح غير خارج عن معناه الوصفىّ الذى وضع له، ونقيض هذا قول من جمع الحارث على الحرّث، وذلك أنهم ردّوه بهذا الجمع إلى الوصفيّة، فجمعوه على فعّل، كشاهد وشهّد، وصائم وصوّم، وغاز وغزّى، فقياس هذا أن يجمع أحمر علما على مثال جمعه وصفا، فيقال: حمر، وإن نكّرته على هذا القول قلت: مررت بأحمر وأحمر آخر، فلم تصرفه نكرة لمراعاة الوصفيّة فيه، من حيث جمع على حمر.

وقوله: «بلا خلاف» يعنى بلا خلاف بين سيبويه والأخفش؛ لأنّ سيبويه إذا سمّى رجلا بأحمر ثم نكّره لم يصرفه (٢)، مراعاة للوصف فيه، والأخفش يصرفه لزوال الوصف بالتسمية، وقد أوردت هذه المسألة فيما تقدّم. فهاهنا يوافق الأخفش سيبويه، فلا يصرفه منكّرا؛ لأنّ جمعه على فعل مصرّح له بالوصفيّة.

الأبطح والبطحاء: كلّ مكان متّسع. والأبرق والبرقاء: مكان ذو حجارة مختلفة الألوان. والكاهل: ما بين الكتفين. والحارث فى أصل وضعه: الكاسب.

والأزمل: الصوت. والأجدل: الصّقر.


(١) بحاشية الأصل: «فقيل».
(٢) الكتاب ٣/ ١٩٨، ورأى الأخفش فى حواشيه من نسختين من الكتاب.