وقال أبو علىّ، فى (باب الأفعال المنصوبة): «وتقول: «كان سيرى أمس حتّى أدخلها. إن جعلت «كان» بمعنى وقع، جاز الرفع والنّصب فى «أدخلها»، وإن جعلت «كان» المفتقرة إلى الخبر، وجعلت «أمس» من صلة السّير، لم يجز إلاّ النّصب؛ لأنك إن رفعت بقيت «كان» بلا خبر، وإذا نصبت كان قولك:
«حتى أدخلها» فى موضع الخبر (١)». انتهى كلامه.
وأقول: إنّك إن جعلت «كان» بمعنى «وقع» فالكلام يتمّ إذا قلت: كان سيرى، فإن جعلت «حتّى» غاية جاز أن تعلّقها بكان، وجاز أن تعلّقها بالسّير، وإن جعلتها للاستئناف فقد أتيت بجملة تامّة بعد جملة تامّة.
فإن جعلت «كان» الناقصة، وجعلت «أمس» خبرا لها، علّقته بمحذوف، وجاز أيضا فى «أدخلها» الرفع والنصب، وإن علّقت «أمس» بالسّير، احتجت إلى خبر لكان.
فإن جعلت «حتّى» غاية، فهى وما بعدها فى تأويل «إلى» ومجرورها؛ لأنّ التقدير: حتى أن أدخلها، أى حتّى دخولها، والمعنى: إلى دخولها، فكأنك قلت: كان سيرى إلى دخول المدينة، فإلى متعلّقة بمحذوف، أى منتهيا إلى دخول المدينة.
وإذا جعلت «حتى» للاستئناف، فالتقدير: كان سيرى حتى أنا أدخل المدينة، فالجملة التى هى: حتى أنا أدخل المدينة، خالية من ضمير يعود على اسم «كان» ظاهر ومقدّر.