للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من روى لأبى الطيّب:

نرى عظما بالبين والصّدّ أعظم (١)

فالمعنى أنّ البين يزيله قطع المسافة، والصّدّ لا تقطع مسافته. ومن روى (٢):

نرى عظما بالصّدّ والبين أعظم

فالمعنى: أن الحبيب وإن صدّ فعين المحبّ تدركه، وإذا فارق حال البعد عن النّظر إليه.

... وقوله:

خود جنت بينى وبين عواذلى ... حربا وغادرت الفؤاد وطيسا (٣)

الوطيس فى العربيّة مستعمل على معنيين: أحدهما معركة الحرب، والآخر:

تنّور من حديد. وقيل قول ثالث: أنه حفرة يختبز فيها.

وقيل: أوّل من قال: «الآن حمى الوطيس (٤)» النبىّ صلى الله


(١) تمامه: ونتّهم الواشين والدمع منهم ديوانه ٤/ ٨١.
(٢) وهى رواية تفسير أبيات المعانى من شعر أبى الطيب ص ٢٦٢.
(٣) ديوانه ٢/ ١٩٥.
(٤) ويروى: «هذا حين حمى الوطيس». وأخرجه مسلم فى صحيحة (باب فى غزوة حنين، من كتاب الجهاد والسّير) ص ١٣٩٩، وأحمد فى المسند ١/ ٢٠٧. وهو برواية ابن الشجرى فى: الأمثال فى الحديث النبوى، لأبى الشيخ الأصبهانى ص ١٣٥، والمجازات النبوية ص ١٣٥، والروض الأنف ٢/ ٢٨٦. هذا وقد حكى التبريزى عن أبى العلاء، قال: «وبعض الناس يدّعى أن أول من قال «حمى الوطيس» النبىّ صلّى الله عليه وسلم، وما أحسب هذا إلاّ وهما؛ لأن الوطيس قد كثر فى الشعر القديم» ثم أنشد بيت تأبط شرّا الآتى، وبيت الأفوه الأودىّ: أدين بالصبر إذا ضرّمت نيرانها الحرب اضطرام الوطيس ديوان أبى تمام بشرح التبريزى ٢/ ٢٦٦. ويبقى أن أشير إلى أن أبا هلال لم يذكر هذا الحديث فى كتابه: الأوائل. وأن بيت «الأفوه» هذا لم يرد فى ديوانه (الطرائف الأديبة) مع وجود أبيات من وزن البيت وقافيته.