للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتنبّى بحرف التشبيه الذى هو «كأنّ» وبلفظ الحرف الذى كان سؤالا عن التشبيه، فأجيب عنه بكأنّ. فذكر السّبب والمسبّب جميعا. قال أبو الفتح: وقد فعل أهل اللّغة مثل هذا، فقالوا: الألف والهمزة فى «حمراء» علامة التأنيث، وإنّما العلامة فى الحقيقة الهمزة وحدها، ولكنّها لمّا صاحبت الألف، وكان انقلابها لسكون الألف قبلها قيل: هما جميعا للتأنيث (١).

والثانى: ما حكاه القاضى أبو الحسن علىّ بن عبد العزيز الجرجانىّ، صاحب كتاب «الوساطة بين المختصمين فى شعر المتنبّى» عن المتنبّى أيضا، قال: سئل عن معنى قوله: «بما وكأنّه» قال: أردت: لا تقل ما هو إلاّ كذا، وكأنّه كذا؛ لأنه ليس فوقى أحد ولا مثلى فتشبّهنى به، وقال هذا الراوى مقويّا لهذا الوجه: إذا قلت: ما هو إلاّ الأسد، وإلاّ كالأسد، فقد أتيت ب‍ «ما» لتحقيق التشبيه، كما قال لبيد (٢):

وما المرء إلاّ كالشّهاب وضوئه

فليس ينكر أن ينسب التّشبيه إلى «ما» إذا كان لها هذا الأثر (٣).

والثالث: ما رواه الرّبعىّ عن المتنبّى أيضا، قال: سئل عن قوله: «بما وكأنّه» فقال: أردت: ما أشبه فلانا بفلان، وكأنه فلان.


(١) الفتح الوهبى ص ١٢٠. وقد حكى ابن فورجة كلام ابن جنى هذا، ثم شنّع عليه، فقال: «أحلف بالله العظيم إن كان أبو الطيّب سئل عن هذا البيت فأجاب بهذا الجواب الذى حكاه ابن جنى! وإن كان متزيّدا مبطلا فيما يدّعيه عفا الله عنه وغفر له، فالجهل والإقرار به أحسن من هذا». الفتح على أبى الفتح ص ٢٤٧.
(٢) ديوانه ص ١٦٩، وتخريجه فى ٣٨٠، وتمام البيت: يحور رمادا بعد إذ هو ساطع ويحور: يصير.
(٣) الوساطة ص ٤٤٣، مع شيء من الاختلاف. وشرح الواحدى ص ٢٢،٢٣.