للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك لأنها فاعل (١)، والفاعل رتبته التقدّم، فإذا أخّرته جاز تقديم الضمير العائد إليه؛ لأنّ النيّة به التقديم، ومثله: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى} (٢).

وفى الكلام حذف؛ وذلك أنه أراد: لا تجزنى بضنى بى ضنى بها، أى ضنى يقع بها، فحذف ذلك للعلم به.

و «مسكوبا» لا يجوز أن ينتصب على الحال من «دموعى»؛ لأن الواحد المذكّر لا يكون حالا من جماعة، لا تقول: طلعت الخيل مترادفا، ولكن:

مترادفة، ولو قلت: مترادفات، كان أحسن، كما جاء فى التنزيل: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ} (٣).

ولو قال: تجزى دموعى مسكوبة، كان حالا. وإذا بطل انتصاب «مسكوبا» على الحال، نصبته على البدل من «الدموع» كأنه قال: تجزى مسكوبا منها بمسكوب من دموعها، فحذف الجارّين والمجرورين، وإنما احتيج إلى تقدير «منها»؛ لأنّ بدل البعض وبدل الاشتمال لا بدّ أن يتّصل بهما ضمير يعود على المبدل منه، كقولك: ضربت زيدا رأسه، وأعجبنى زيد علمه. ومن بدل الاشتمال المحذوف منه الضمير قول الأعشى:

لقد كان فى حول ثواء ثويته ... تقضّى لبانات ويسأم سائم (٤)


(١) هذا على رأى الأخفش: أن ما بعد الظرف يرتفع بالظرف ارتفاع الفاعل بفعله، ويوافقه سيبويه فى بعض التراكيب، لا على الإطلاق. وقد أشرت إلى ذلك فى المجلس الحادى والثمانين، وانظر المراجع المذكورة هناك.
(٢) سورة طه ٦٧.
(٣) سورة الملك ١٩.
(٤) فرغت منه فى المجلس الثالث والأربعين.