للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما حذف منه صلة موصولين، فلم يؤت فيه بصلة أخرى، قول سلمىّ (١) بن ربيعة السّيدىّ:

/ولقد رأبت ثأى العشيرة بينها ... وكفيت جانيها اللّتيّا والّتى

أراد اللّتيّا والتى تأتى على النفوس، لأن تأنيث اللّتيّا والتى هاهنا إنما هو لتأنيث الداهية، ألا ترى إلى قول الراجز (٢):

بعد اللّتيّا واللّتيّا والتى ... إذا علتها أنفس تردّت

وتردّت: تفعّلت من الرّدى، مصدر ردى يردى: إذا هلك، وإن شئت أخذته من التردّى: الذى هو السّقوط من علو، ومنه «المتردّية (٣)»: الشاة التى تسقط من جبل أو حائط، أو فى بئر فتموت، ومنه: {وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى} (٤) أى إذا سقط على رأسه فى جهنم.

وحذف الصّلة (٥) من هذا الضّرب من الموصولات إنما هو لتعظيم الأمر وتفخيمه (٦)، ومثل ذلك حذف الأجوبة فى نحو: {وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ} (٧)


(١) ضبط فى الأصل بضم السين وسكون اللام وكسر الميم وتشديد الياء، وهو أحد ضبطين فيه، والثانى بفتح السين وسكون اللام وفتح الميم. وفيه كلام كثير تراه فى حواشى شرح الحماسة ص ٥٤٦، وأنا أميل إلى الضبط الأول، لخلوصه من شبه التأنيث. والبيت الشاهد من قصيدة تروى لسلمىّ بن ربيعة هذا، ولعلباء بن أرقم، وينسب بيتان منها لعمرو بن قميئة. راجع الموضع السابق من شرح الحماسة، ونوادر أبى زيد ص ٣٧٤، والأصمعيات ص ١٦١، وديوان عمرو بن قميئة ص ١٩٧، وانظر كتاب الشعر ص ٣٩٠.
(٢) تقدّم قريبا.
(٣) انظرها فى الآية الثالثة من سورة المائدة.
(٤) سورة الليل ١١.
(٥) فى هـ‍: «وحذف الحذف. . .»، وفى الخزانة ٢/ ٥٦٠ - من طبعة بولاق- «والحذف من هذا الضرب» وحكاه البغدادى عن ابن الشجرى. وانظر طبعة شيخنا عبد السلام هارون-رحمه الله وبرّد مضجعه-٦/ ١٥٥.
(٦) ذكره ابن الأثير فى منال الطالب ص ١٦٣،٥١٣.
(٧) سورة الأنعام ٩٣.