للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحو: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً} (١) تقدير الجواب، والله أعلم: لرأيت أمرا هائلا، ومن ذلك قولهم: «أصاب الناس جهد ولو ترى أهل مكة» (٢) تقدير المحذوف: لرأيتهم بأسوإ حال، وقد جاء التحقير فى كلامهم للتعظيم كقوله (٣):

وكلّ أناس سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفرّ منها الأنامل

أراد بالدّويهية الموت، ولا داهية أعظم منها، وكقول أوس بن حجر (٤):

فويق جبيل شامخ الرأس لم تكن ... لتبلغه حتّى تكلّ وتعملا

أى لم تكن لتبلغ رأسه.

فتحقير اللّتيّا هاهنا إنما هو تعظيم، ويبعد أن يكون أراد باللّتيّا الفعلة الهيّنة لقوله: «وكفيت جانيها اللّتيّا»، والفعلة الهيّنة لا يكاد فاعلها يسمّى جانيا.

/فأما قوله: «ولقد رأبت ثأى العشيرة بينها» فالرّأب: الإصلاح، والثّأى:

الفساد، والظّرف متعلّق بالثّأى: أى أصلحت ما فسد بينها.

بيت، سأل عن إعرابه ومعناه أبو الحسن علىّ بن عبد الرحمن المغربىّ:

أنّى تردّ لى الحمول أراهم ... ما أقرب الملسوع منه الداء (٥)

فأجبت بأن الداء مبتدأ قدّم خبره عليه، وإن كان الخبر جملة، اتّساعا، لأن


(١) سورة السجدة ١٢.
(٢) اللسان (رأى)، وأعاده المصنف فى المجلس الرابع والخمسين.
(٣) لبيد، رضى الله عنه، والبيت فى ديوانه ص ٢٥٧، وتخريجه فى ص ٣٩٠، وقد أنشده المصنف من غير نسبة فى المجلس الحادى والخمسين، ومنسوبا للبيد فى المجلس التاسع والخمسين. وهو أيضا فى كتاب الشعر ص ٣٩١، وشرح الجمل ٢/ ٢٨٩.
(٤) ديوانه ص ٨٧، وتخريجه فى ص ١٦٤، وهو فى الموضع السابق من شرح الجمل.
(٥) البيت من غير نسبة فى اللسان (حمل).