للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البصريّين مجمعون (١) على جواز تقديم الجملة على المخبر بها عنه، كقولك: مررت به المسكين، وأكرمت أخاه زيد، أى المسكين مررت به، وزيد أكرمت أخاه، والمعلّق للجملة بالمبتدإ الهاء فى «منه» فالتقدير: الداء ما أقرب الملسوع منه، كقولك:

زيد ما أحسن وجهه، وجاز الإخبار بجملة التعجب، لأن التعجب ضرب من الخبر، من حيث يدخله التصديق والتكذيب، ومثل ذلك الإخبار بنعم وفاعلها، فى قولك: نعم الرجل زيد، فى قول من جعل زيدا مبتدأ، كأنك قلت: زيد نعم الرجل، وإنما ألزموا الخبر المركّب من نعم وفاعلها التقديم على المبتدأ غالبا؛ لقوّة عنايتهم بالمدح.

والأصل فى الحمول أن تكون الأحمال، واتّسعوا فيها حتى استعملوها للمتحمّلين.

ومن ذلك قول المتنبى فى وصف الدنيا (٢):

من رآها بعينها شاقه القطّ ... ان فيها كما تشوق الحمول

أى كما يشوق المتحمّلون (٣).

وقوله: «أنّى تردّ لى الحمول» استفهام أخرجه مخرج الإنكار، وقال:

«أراهم» فأعاد إلى الحمول ضمير العقلاء الذّكور، لأنه ذهب بالحمول إلى المتحمّلين.

وقد جاءت الحمول بمعنى النساء المتحمّلات فى قول معقّر بن حمار البارقىّ:


(١) ذكر ابن عقيل فى باب المبتدأ والخبر من شرحه على الألفية ١/ ٢٠٠، قال: «ونقل الشريف أبو السعادات هبة الله بن الشجرى، الإجماع من البصريين والكوفيين على جواز تقديم الخبر إذا كان جملة، وليس بصحيح، وقد قدمنا نقل الخلاف فى ذلك عن الكوفيين». انتهى كلام ابن عقيل. وأنت ترى أن ابن الشجرى إنما نقل الإجماع عن البصريين ليس غير.
(٢) ديوانه ٣/ ١٥٠.
(٣) وفيه رأى آخر: أنه على حذف المضاف، كأنه أراد ذوى الحمول. راجع الديوان.