للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: «ما تعطى العلوق به رئمان أنف» ما خبريّة بمعنى الذى، وهى واقعة على البوّ، وانتصاب «الرّئمان» هو الوجه الذى يصحّ به المعنى والإعراب، وإنكار الأصمعىّ (١) لرفعه إنكار فى موضعه، لأنّ رئمان العلوق للبوّ بأنفها هو عطيّتها ليس لها عطيّة غيره، فإذا أنت رفعته لم يبق لها عطيّة فى البيت، لفظا ولا تقديرا، ورفعه على البدل من «ما» لأنها فاعل «ينفع» وهو بدل الاشتمال، ويحتاج إلى تقدير ضمير يعود منه على المبدل منه، كأنك قلت: رئمان أنفها إياه، وتقدير مثل هذا الضمير قد ورد فى كلام العرب، ولكن فى رفعه ما ذكرت لك من إخلاء «تعطى» من مفعول فى اللفظ والتقدير (٢)، وجرّ الرئمان على البدل أقرب إلى الصّحيح قليلا، وإعطاء الكلام حقّه من المعنى والإعراب إنما/هو بنصب الرئمان، ولنحاة الكوفيّين فى أكثر كلامهم تهاويل فارغة من حقيقة (٣).

ذو الإصبع العدوانىّ:

لقينا منهم جمعا ... فأوفى الجمع ما كانا (٤)


(١) حكى ابن هشام فى المغنى ص ٤٥ تصويب ابن الشجرى لإنكار الأصمعىّ هذا. ويرى البغدادى أن هذا إقرار من ابن هشام لرأى ابن الشجرى، ثم نقل اعتراض الدمامينى على ابن الشجرى قال: «ولقد أجاد الدمامينى فى الاعتراض على ابن الشجرى بقوله: ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يكون الضمير من «به» عائدا على «ما» لا على «البوّ»، و «به» يتعلق بتعطى، على أنه مضمّن معنى تجود، فلا يكون مخلّى من مفعول مع رئمان». الخزانة ٤/ ٤٥٨ - ٤٦٠.
(٢) قال فى الخزانة: «وقد اعترض الدمامينى على مستند ابن الشجرى فى إنكار الرفع بأنه قد يلتزم ولا محذور فيه؛ لأن الفعل المتعدى قد يكون الغرض منه إثباته لفاعله أو نفيه عنه فقط، فينزّل منزلة اللازم، ولا يقدّر له مفعول، تقول: فلان يعطى، أى يفعل الإعطاء، فلا تذكر للفعل مفعولا ولا تقدّره، لأن ذلك يخلّ بالغرض، واعتبار هذا المعنى فى البيت ممكن» هذا كلام الدمامينى، وقد حكى البغدادى اعتراض ابن الحنبلى عليه. . . . فى كلام طويل.
(٣) فى هـ‍: «الحقيقة» وما فى الأصل مثله فى الخزانة، عن ابن الشجرى.
(٤) تنسب هذه الأبيات لذى الإصبع-كما ذكر المصنف-ولأبى بجيلة، ولبعض اللصوص. راجع الكتاب ٢/ ١١١،٣٦٢، وتهذيب الألفاظ لابن السكيت ص ٢١٠، والإنصاف ص ٦٩٩، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص ١٧٤، وضرائر الشعر ص ٢٦١، وشرح الجمل ٢/ ١٨، والخزانة ٢/ ٤٠٧، واللسان (حسن-أيا).