للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنّا يوم قرّى إنّ ... ما نقتل إيّانا

قتلنا منهم كلّ ... فتى أبيض حسّانا

يرى يرفل فى بردي‍ ... ن من أبراد نجرانا

البيت الثانى من أبيات «الكتاب (١)» شاهد على وضع الضمير المنفصل موضع المتّصل.

قوله: «فأوفى الجمع ما كانا» أى فأوفى الجمع الذى لقيناه ما كان عليه أن يفعله، وقرّى (٢): اسم مكان.

وكان حقّ الكلام أن يقول: نقتل أنفسنا، لأن الفعل لا يتعدّى فاعله إلى ضميره إلا أن يكون من أفعال العلم والحسبان والظّنّ، لا تقول: ضربتنى ولا أضربنى (٣)، ولا ضربتك، بفتح التاء، ولا زيد ضربه، على إعادة الضمير إلى زيد، ولكن تقول:

ضربت نفسى، وضربت نفسك، وزيد ضرب نفسه، وإنما تجنّبوا تعدّى الفعل إلى ضمير فاعله، كراهة أن يكون الفاعل مفعولا فى اللفظ، فاستعملوا فى موضع الضمير النّفس، نزّلوها منزلة الأجنبىّ، واستجازوا ذلك فى أفعال العلم والظّنّ الداخلة على جملة الابتداء، فقالوا: حسبتنى فى الدار، وظننتنى منطلقا، وظننتك قادما، وزيد خاله عالما، وعمرو يراه محسنا، بمعنى يعلمه، كما جاء فى التنزيل:

{إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى. أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى} (٤) ولم يأت ذلك فى غير هذا الباب، إلا فى فعلين قالوا: عدمتنى وفقدتنى، وأنشدوا لجران العود (٥):


(١) فى الموضع الثانى المذكور فى التعليق السابق.
(٢) بضم أوله وتشديد ثانيه: موضع فى بلاد بنى الحارث بن كعب، وقيل: ماءة من تبالة، بلدة صغيرة من اليمن. معجم ما استعجم ص ١٠٦٢، والموضع المذكور من الخزانة.
(٣) الكتاب ٢/ ٣٦٦، وشرح الحماسة ص ١٠٩٠.
(٤) سورة العلق ٦،٧.
(٥) ديوانه ص ٤، ومعجم الشواهد ص ٨٢.