للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: {ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ} الكاف والميم فى {ذلِكُمْ} بخلاف الكاف والميم فى {وَصّاكُمْ؛} لأنهما فى {ذلِكُمْ} حرف للخطاب، لا يحكم لموضعه بشىء من الإعراب، وهما فى {وَصّاكُمْ} ضمير موضوع للمخاطبة موضعه نصب، ولو حكمت بأنه فى {ذلِكُمْ} ضمير وجب الحكم بأنه فى موضع جرّ بالإضافة، وأسماء الإشارة لا تصحّ إضافتها؛ لأن ذلك جمع بين تعريفين، تعريف الإشارة وتعريف الإضافة.

ويقال فى قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} و {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (١) و {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٢) ونحو ذلك مما ورد فى كلامه (٣) القديم سبحانه، كيف وقع «لعلّ» فى كلام الله تعالى؟ ولعلّ إنما هو حرف موضوع للرجاء، والراجى شاكّ، بدلالة أنك تقول: لعلّى أدخل الجنة، وأرجو أن أدخل الجنة، ولا تقول: أرجو أن يدخل النبىّ صلى الله عليه وآله وسلّم الجنة، ولا: لعلّ النبىّ صلى الله عليه وآله وسلّم يدخل الجنة، لأنك على غير يقين من دخولك الجنة، وغير شاكّ فى دخول النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم الجنة.

وعن هذا السؤال ثلاثة أجوبة: أحدها: أنّ ما جاء من هذا فى كلامه سبحانه، فهو على شكّ المخاطبين، فكأنه قيل: افعلوا ذلك على الرّجاء منكم/والطمع أن تعقلوا وأن تذكّروا وأن تتّقوا، وإلى هذا ذهب سيبويه (٤) فى قوله عزّ وجل: {اِذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى. فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} (٥) قال: معناه اذهبا على طمعكما ورجائكما أن يتذكّر أو يخشى.


(١) سورة الأنعام ١٥٢، وفى غير سورة من الكتاب العزيز.
(٢) سورة البقرة ٢١، ومواضع أخرى من الذكر الحكيم.
(٣) هكذا فى هـ‍، وفى الأصل: كلام.
(٤) الكتاب ١/ ٣٣١، وانظر الجنى الدانى ص ٥٨٠، والبرهان ٤/ ٥٧.
(٥) سورة طه عليه الصلاة والسلام ٤٣،٤٤.