للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: {بِالسُّوقِ} يجوز أن يكون وصفا لمسح، فتكون الباء متعلقة بمحذوف، أى مسحا واقعا بالسّوق، ويجوز أن يكون مفعولا به، عمل فيه الفعل المقدّر، والباء زائدة، أى فطفق يمسح الرءوس من (١) الأعناق مسحا، والسّوق: جمع ساق، كدار ودور، ونار ونور، أنشد أبو زيد (٢)، وهو من أبيات الإيضاح (٣):

شهدت ودعوانا أميمة أنّنا ... بنو الحرب نصلاها إذا شبّ نورها

ومثله ممّا أنّث بتاء التأنيث: ناقة ونوق، وقارة-وهى الجبل المنفرد-وقور، ولابة-وهى الحرّة-ولوب، وساحة وسوح، قال الشاعر (٤):

وكان سيّان أن لا يسرحوا نعما ... أو يسرحوه بها واغبرّت السّوح

هكذا أنشده الرّواة «سيّان» مرفوعا على إضمار (٥) الشأن فى «كان».

وروى عن ابن كثير أنه قرأ: {بِالسُّوقِ} على الفعول (٦)، وهمز الواو للزوم الضمّة


(١) هكذا فى هـ‍، وفى الأصل: «والأعناق» ولعل الصواب: يمسح السّوق والأعناق.
(٢) فى نوادره ص ١٠٧، والبيت لحاتم الطائى. ديوانه ص ٢٤٩، وتخريجه فى ص ٣٦٤. وقوله «أننا» يرويه أبو حاتم السجستانى بفتح الهمزة، كما جاء فى النوادر، وجاء بحاشية أصل الأمالى: «هكذا رووا «أننا» بفتح الهمزة، والصواب الكسر؛ لأنه استئناف كلام».
(٣) يقصد الجزء الثانى منه، وهو التكملة، والشاهد فيها ص ١٥٠، وأنشده أبو علىّ أيضا فى كتاب الشعر ص ٢٤٥.
(٤) أبو ذؤيب الهذلى. والبيت برواية النحويين هذه ملفّق من بيتين وردا فى شعر أبى ذؤيب هكذا: وقال ماشيّهم سيان سيركم أو أن تقيموا به واغبرّت السّوح وكان مثلين أن لا يسرحوا نعما حيث استرادت مواشيهم وتسريح قال البغدادى: «وعلى هذا لا شاهد فيه» الخزانة ٥/ ١٣٧. وشرح أشعار الهذليين ص ١٢٢، وتخريجه فى ص ١٣٧٦، وزد عليه كتاب الشعر ص ٣٢٣، وحواشيه. وقد أنشد ابن الشجرى البيت فى المجلس الخامس والسبعين بالرواية نفسها.
(٥) قال ابن هشام: «أى وكان الشأن ألاّ يرعوا الإبل وأن يرعوها سيّان لوجود القحط، وإنما قدّرنا «كان» شأنية؛ لئلا يلزم الإخبار عن النكرة بالمعرفة» المغنى ص ٦٥، وحكى صاحب الخزانة: «قال ابن يسعون: كان ينبغى أن يقول: سيّين؛ لأن المعرفة أولى بأن تكون اسم كان». وانظر كلام أبى علىّ فى الشعر.
(٦) السبعة لابن مجاهد ص ٥٥٣، وزاد المسير ٧/ ١٣٠.