للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} (١) أى ويجيب، ويجوز أن يعلق (٢) الباء بتستجيبون، كما تقول:

نادانى فلان فأجبته (٣) بالتلبية، ويجوز أن يعلقها بحال محذوفة، فالتقدير: معلنين بحمده، /ومثله فى جواز تعلّق الباء بالفعل المذكور، وتعلّقها بالمحذوف قوله تعالى:

{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} (٤) إن شئت علّقت الباء بالتسبيح، أى فسبّح بالثّناء على ربك، وإن شئت قدّرت: فسبح معلنا بحمد ربك.

والخطاب فى الآية للمشركين، لأنه جاء على سياقة قوله، حاكيا ذلك عن منكرى البعث: {أَإِذا كُنّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} (٥) وقوله:

{فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ} (٦) أى يحرّكون رءوسهم استهزاء {وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ} أى متى البعث، ومعلوم أن من يشرك بالله يستكبر إذا قيل له: لا إله إلا الله، كما قال تعالى: {إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (٧) فقد ألحق بالله سبحانه نقصا عظيما بإشراكه فى عبادته أحجارا لا تضرّ ولا تنفع، فإذا دعاه الله حين تزول الشكوك، أجابه بالثناء عليه والحمد له، وأحد أوصاف الثناء على الله والحمد له توحيده، فجوابه: «لبّيك اللهمّ لبّيك، لا إله إلا أنت».

آية أخرى: إن سأل سائل عن قوله تعالى: {الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} (٨) فقال: كيف وصف الله الأعين بأنها كانت فى غطاء عن الذّكر، والذّكر إنما هو مسموع لا مرئىّ، وكيف وصفهم بأنهم كانوا لا يستطيعون سمعا، ونفى الاستطاعة للسمع نفى القدرة (٩) عليه؟


(١) سورة الشورى ٢٦.
(٢) فى هـ‍: تتعلق. . . كما يقال.
(٣) حكى هذا عن ابن الشجرى ابن هشام فى المغنى ص ١٠٩.
(٤) سورة الحجر ٩٨، والنصر ٣.
(٥) سورة الإسراء ٤٩.
(٦) السورة نفسها ٥١.
(٧) سورة الصافات ٣٥.
(٨) سورة الكهف ١٠١.
(٩) فى الأصل «والقدرة» بإقحام الواو.