للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قال تعالى: {وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ} (١) أى السابقون إلى الإيمان السابقون إلى الجنة.

وقال قتادة، وهو قول الحسن: الظالم لنفسه هو المنافق، نطق بكتاب الله وصدّق بلسانه وخالف بعمله، والمقتصد صاحب اليمين، والسابق بالخيرات هو المقرّب، قال: وإن الناس نزّلوا/عند الموت فى ثلاثة منازل، وذلك قول الله عز وجل: {فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} (٢) إلى آخر السورة، أى إنك ترى فيهم ما تحبّ من السلامة، وقد علمت ما أعد لهم، ومعنى {فَنُزُلٌ} أى فغذاء من حميم، {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} أى إقامة على جحيم، قال:

وجعل لهم يوم القيامة ثلاثة منازل، فقال تعالى: {فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (٣).

وقال الضّحّاك بن مزاحم: المقتصد: المؤمن، والظالم لنفسه: المشرك، والسابق بالخيرات: المقرّب، وبعضهم أفضل من بعض، كما قال فى الصافّات:

{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} (٤).

وقال الفرّاء (٥) كقول الضحاك، قال: فمنهم ظالم لنفسه: هذا الكافر، ومنهم مقتصد: هؤلاء أصحاب اليمين، والسابق بالخيرات: هم المقرّبون، كالآية التى فى الواقعة، موافقا تفسيرها تفسيرها، فأصحاب الميمنة هم المقتصدون، وأصحاب المشأمة فى النار، والسابقون السابقون أولئك المقربون: انتهت الحكاية عنه.

وأقول: إن الضمائر الثلاثة من قوله: {فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ}


(١) الآية العاشرة من سورة الواقعة.
(٢) سورة الواقعة ٨٨،٨٩.
(٣) السورة نفسها ٨ - ١١.
(٤) سورة الصافات ١١٣.
(٥) معانى القرآن ٢/ ٣٦٩، وقد تصرف ابن الشجرى فى عبارة الفراء بعض التصرف.