للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلامه يشعر بهذا، فإنه يقول: «وربما استغنوا فى هذا النحو بواحد». إلى آخر ما قال، ولو كان يرى قصر استعمال مثل هذا على الشعر لصرّح به من أول الأمر.

٢ - ضعّف ابن الشجرى مجىء الحال من المضاف إليه، وتأول ما ورد من ذلك، فقال فى المجلس الثالث: «وأنشدوا فى الحال من المضاف إليه قول تأبط شرا:

سلبت سلاحى بائسا وشتمتنى ... فيا خير مسلوب ويا شرّ سالب

ولست أرى أن «بائسا» حال من ضمير المتكلم الذى فى «سلاحى» ولكنه عندى حال من مفعول «سلبت» المحذوف، والتقدير: سلبتنى بائسا سلاحى، وجاء بالحال من المحذوف، لأنه مقدّر عنده منوىّ، ومثل ذلك فى القرآن قوله جل وعز: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} فوحيدا حال من الهاء العائدة فى التقدير على (من)، ومثله: {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} ألا ترى أنك لا بدّ أن تقدر:

خلقته وحيدا، وبعثه الله رسولا، لأن الاسم الموصول لا بدّ له من عائد، لفظا أو تقديرا، وإنما وجب العدول عن نصب «بائس» على الحال من الياء التى فى «سلاحى» لما ذكرته لك من عزّة حال المضاف إليه، فإذا وجدت مندوحة عنه وجب تركه».

وقال فى المجلس السادس والسبعين (١): «فإن قيل: قد جاءت الحال من المضاف إليه فى القرآن فى قوله عز وجل: {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} فالقول عندى أن الوجه أن تجعل (حنيفا) حالا من الملّة، وإن خالفها بالتذكير، لأن الملّة بمعنى الدّين، فجاءت الحال على المعنى، ألا ترى أن الملّة قد أبدلت من الدين فى قوله: {دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً}».

٣ - ذهب ابن الشجرى إلى أن الإشارة بمنزلة الإضمار. قال (٢):

«ألا ترى أنها قد سدت مسدّ الضمير فى قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ}


(١) وانظر أيضا المجلس الحادى والثمانين، وحكاه عنه البغدادى فى الخزانة ٣/ ١٧٣،١٧٤، وانظر ما يأتى فى الحديث عن مصادر ابن الشجرى (أبو على الفارسى-الفقرة التاسعة).
(٢) المجلس العاشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>