للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً} فالإشارة من (أولئك) قامت مقام الضمير العائد من الجملة إلى المخبر عنه، فكأنه قيل: كلّهن كان عنه مسئولا».

٤ - وجّه ابن الشجرى التأنيث فى قول أعشى تغلب (١):

وقد خاب من كانت سريرته الغدر

بأنه أنث «الغدر» لمّا كان السريرة فى المعنى، واستشهد لذلك بقراءة النصب فى قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا} قال: فالتقدير: ثم لم تكن فتنتهم إلا قولهم، وجاز تأنيث القول لأنه الفتنة فى المعنى، ومثله رفع «الإقدام» ونصب «العادة» فى قول لبيد:

فمضى وقدّمها وكانت عادة ... منه إذا هى عرّدت إقدامها

وإنما استجاز تأنيث «الإقدام» لتأنيث خبره، لأن الخبر إذا كان مفردا فهو المخبر عنه فى المعنى، وقد قيل فى الآية وفى بيت لبيد قول آخر، وذلك أنهم حملوا «أن قالوا» على معنى المقالة، وحملوا «الإقدام» على معنى التقدمة. قال: والقول الأول هو المأخوذ به، والثانى قول الكسائى، وليس فى بيت أعشى تغلب إلا ما ذكرناه أولا فيجب أن يكون العمل عليه.

وأقول: كأن ابن الشجرى ينكر تأنيث المذكر، لأن فيه ردّ أصل إلى فرع.

قال ابن جنى (٢): «وتذكير المؤنث واسع جدا، لأنه ردّ فرع إلى أصل، لكن تأنيث المذكر أذهب فى التناكر والإغراب».

٥ - ذكر ابن الشجرى (٣) أن «أبى يأبى» مما شذ عن القياس، لمجيئه على فعل يفعل، بفتح العين من الماضى والمستقبل، وليست عينه ولا لامه من حروف الحلق، وكان قياسه: يأبى، مثل يأتى.

ثم حكى ثلاثة أقوال فى تعليل ذلك، وصحّح الأول منها.


(١) المجلس التاسع عشر.
(٢) الخصائص ٢/ ٤١٥.
(٣) المجلس الحادى والعشرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>