للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو العامل فى الظرف والحال، وإن شئت نصبت الظرف بالحال، ومثله فى التنزيل:

{فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ} (١) إن شئت نصبت «قبلك» بالخبر، وإن شئت أعملت فيه «مهطعين» وكان حقّ المعنى أن لا يعمل فى الحال، لأن الحال عبارة عن ذى الحال، ولكن عمل فيها المعنى لشبهها (٢) بالظّرف، من حيث/ كان قولك: جاءنى زيد راكبا، معناه: جاء فى حال الركوب، ولذلك عطف عليها الظّرف فى قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ* وَبِاللَّيْلِ} (٣) وليس الشّبه الذى بينهما بمستحكم، لأنك لا تقدر أن تقول: جاء زيد فى راكب، كما تقول:

جاء فى يوم السبت، وجلس فى مكانه (٤)، وإنما أدخلوا حرف الظرف على لفظ متأوّل، ولما لم يستحكم الشبه (٥) بين الظرف والحال امتنعوا من تقديم الحال على العامل المعنوىّ، وإن لم يمتنعوا من تقديم الظرف على المعنى العامل فيه، كقولهم: «كلّ (٦) يوم لك ثوب» فإن جاءت الحال بلفظ الظّرف جاز تقديمها على المعنى، كقوله تعالى: {هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ} (٧) هنالك ظرف فى موضع الحال، والعامل فيه قوله: «لله» وذو الحال المضمر المستكنّ فى «لله».

وقوله: «والظّلم أنكد غبّه ملعون» النّكد: العسر وخروج الشىء إلى طالبه بشدّة، وغبّه: عاقبته، واللّعن: الطّرد والإبعاد، يقال للرجل المطرود: لعين.


(١) سورة المعارج ٣٦. وفى الأصل وهـ‍ فَمالِ الَّذِينَ ورددته إلى رسم المصحف.
(٢) انظر وجوه شبه الحال بالظرف فى كتاب الشعر ص ٢٤٤، وحواشيه، وذكر ابن الشجرى شيئا منه فى المجلسين الخامس والعشرين، والمجلس الرابع والثلاثين، والحادى والسبعين.
(٣) سورة الصافات ١٣٧،١٣٨.
(٤) فى هـ‍: مكانك.
(٥) عرض ابن الشجرى لذلك بأبسط من ذلك فى المجلس الحادى والسبعين. وانظر أصل هذه المسألة فى المقتضب ٤/ ١٧١، وحواشيه.
(٦) ويروى: «أكلّ. . .». وانظره فى الكتاب ١/ ١١٨، والأصول ١/ ٦٤،٢/ ٢٤٧، والبغداديات ص ٥٥٥، والمسائل المنثورة ص ١٥٨، وأعاده ابن الشجرى فى المجالس: الخامس والعشرين، والتاسع والستين، والحادى والسبعين.
(٧) سورة الكهف ٤٤.