للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبى ضنّا (١) عليه بنفسى، وقاتل حتى قتل، وتمثّل مصعب بقول القائل (٢):

فإنّ الألى بالطّفّ (٣) ... من آل هاشم

تآسوا فسنّوا للكرام التّآسيا

وقاتل حتى قتل، فقال بعض شعراء الكوفة (٤):

لقد أورث المصرين حزنا وذلّة ... قتيل بدير الجاثليق مقيم

تولّى قتال المارقين بنفسه ... وقد أسلماه مبعد وحميم

فما قاتلت فى الله بكر بن وائل ... ولا صبرت عند اللّقاء تميم

وقوله: «يوم الحرب أنيابها خضر» أضاف اليوم إلى جملة الابتداء، وأصل إضافة أسماء الزمان إلى الجمل إضافتها إلى جملة الفعل، للشّبه الذى بين الفعل والزمان، وذلك من حيث كان الفعل عبارة عن أحداث متقضّية، كما أنّ الزمان حادث يتقضّى، والفعل نتيجة حركات الفاعلين، كما أنّ الزمان نتيجة حركات الفلك، ولذلك بنوا الفعل على أمثلة مختلفة، ليدلّ كلّ مثال على زمان غير الزمان/ الذى يدلّ عليه المثال الآخر، ولمّا أضافوا اسم الزمان إلى جملة الفعل لما ذكرنا، أضافوه أيضا إلى جملة الابتداء، لأنها أختها، فمن إضافته إلى جملة الفعل فى التنزيل، قوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ} (٥) و {هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ} (٦)


(١) هكذا ضبطت الضاد فى الأصل بالكسر، وهو الأكثر. راجع النهاية ٣/ ١٠٤، والمصباح.
(٢) سليمان بن قتّة. كما فى الأغانى ١٩/ ١٢٩، وأنساب الأشراف ٥/ ٣٣٩،٣٤٤، وتفسير الطبرى ٧/ ٢٣١. والبيت من غير نسبة فى الكامل للمبرد ١/ ١٤، ولابن الأثير ٦/ ١٥٩، وشرح الحماسة ص ١٠٧، واللسان (أسا) وفيه عن ابن برّى: «وتآسوا فيه من المؤاساة» كما ذكر الجوهرى، لا من التأسّى، كما ذكر المبرّد، فقال: تآسوا بمعنى تأسّوا، وتأسّوا بمعنى تعزّوا. وفى تاج العروس (قتت) تخليط فى نسب الشاعر، قارنه بما فى حواشى تفسير الطبرى. وانظر التنبيهات لعلى بن حمزة ص ٩٤.
(٣) الطفّ، بفتح أوله وتشديد ثانيه: بناحية العراق، من أرض الكوفة، وبه الموضع المعروف بكربلاء، الذى قتل فيه الحسين رضى الله عنه. معجم ما استعجم ص ٨٩١.
(٤) هو عبيد الله بن قيس الرقيّات. والأبيات فى ديوانه ص ١٩٦، وتخريجها فيه. والبيت الثانى من شواهد النحو السّيّارة. وسيتكلم عليه المصنف قريبا. وانظر معجم الشواهد ص ٣٤٣.
(٥) سورة المعارج ٤٣.
(٦) سورة المرسلات ٣٥.