للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما علّقوا غدوة وبكرة على الوقت علمين، لأنهما جعلا اسمين لوقت منحصر، ولم يفعلوا ذلك فى ضحوة وعشيّة، لأنهما لوقتين متّسعين.

ومما يحتجّ به لليحصبىّ، والسّلمىّ (١) أنّ بعض أسماء الزمان قد استعملته العرب معرفة بغير الألف واللام، وقد سمع منهم إدخال الألف واللام [عليه (٢)] نحو ما حكاه أبو زيد من قولهم (٣): لقيته فينة فينة يا فتى، غير مصروف، ولقيته الفينة بعد الفينة (٤)، أى الحين بعد الحين، ووجه إدخال الألف واللام فى هذا الضّرب أنه يقدّر فيه الشّياع.

قال أبو علىّ: ومثل ما حكاه سيبويه (٥) من قول العرب: هذا يوم اثنين مباركا فيه، وجئتك يوم اثنين مباركا فيه، استعملوه معرفة بغير ألف ولام، كما استعملوه معرفة بألف ولام، ومن ثمّ انتصب الحال عنه.

وإنما خصّ الله سبحانه الدّعاء بالغداة والعشىّ لشرف هذين الوقتين، فللدعاء فيهما فضل، وقال قتادة (٦): هما صلاتان، صلاة الصبح وصلاة العصر، فذهب بالدّعاء إلى الصلاة، وقال الزّجّاج (٧): يدعونه بالتوحيد والإخلاص، ويعبدونه، فقوله: «ويعبدونه» موافق لقول قتادة: هما صلاتان، صلاة الصبح وصلاة العصر، /قال: ومعنى {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} لا يقصدون بعبادتهم إلا إيّاه، وقال قتادة: ذكر لنا أنه لمّا نزلت هذه الآية قال النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم (٨):

«الحمد لله الذى جعل فى أمّتى من أمرنى أن أصبر نفسى معه».


(١) يعنى ابن عامر، وأبا عبد الرحمن.
(٢) ساقط من هـ‍.
(٣) النوادر ص ٤٠٣، مع بعض اختلاف. وانظر سرّ صناعة الإعراب ص ٣٥٩، والحلبيات ص ٢٨٧، واللسان (فين).
(٤) بعده فى اللسان: قال: فهذا مما اعتقب عليه تعريفان، تعريف العلمية والألف واللام.
(٥) الكتاب ٣/ ٢٩٣، وانظر كتاب الشعر ص ٣٧، وإيضاح شواهد الإيضاح ص ٦٤٧.
(٦) تفسير الطبرى ١١/ ٣٨٣، فى أثناء تفسير الآية (٥٢) من سورة الأنعام.
(٧) معانى القرآن ٣/ ٢٨١.
(٨) أخرجه أبو داود فى سننه (باب فى القصص من كتاب العلم) ٣/ ٤٤٠، من حديث أبى سعيد الخدرى، رضى الله عنه. وانظر زاد المسير ٥/ ١٣٢، وتفسير ابن كثير ٥/ ١٤٩، والدر المنثور ٤/ ٢١٩.