للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الفرّاء: فقد كرهتموه فلا تفعلوه (١)، يريد: فقد كرهتم أكل لحمه ميتا فلا تغتابوه، فإنّ هذا كهذا (٢)، فلم يفصح بحقيقة المعنى.

وقرئ فيما خرج عن القراءات المشهورة {فَكَرِهْتُمُوهُ} بالتشديد (٣)، على ما لم يسمّ فاعله، أى بغّض إليكم.

وقرأ نافع بن أبى نعيم [ميّتا (٤)] بالتشديد، والميّت والميت بمعنى، كالهيّن والهين، واللّيّن واللّين، والطّيّب والطّيب، ومنه طيبة، اسم المدينة، سمّاها به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مخفّفة من طيّبة، ويدلّك على أنه لا فرق بين الميّت والميت قول الشاعر (٥):

ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميّت الأحياء

ألا ترى أنه أوقع المخفّف والمشدّد على شيء واحد، قال أبو علىّ فى الحجّة:

وكذلك قول الآخر:

ومنهل فيه الغراب الميت (٦)

قال: فلو شدّد لجاز.


(١) فى الأصل وهـ‍: «فلا تفعلوا»، وأثبتّه بالهاء من معانى القرآن للفراء ٣/ ٧٣ - والنقل عنه-وفيما حكاه عنه أبو حيان فى البحر، وقال بعد ذكر تأويل الفارسىّ والزمخشرىّ، الذى أشرت إليه: «والذى قدّره الفرّاء أسهل وأقلّ تكلّفا، وأجرى على قواعد العربية».
(٢) فى هـ‍: هكذا.
(٣) أى بضم الكاف وتشديد الراء. وقرأ بها أبو سعيد الخدرىّ، وأبو حيوة، والضحاك، وعاصم الجحدرى. مختصر فى شواذ القراءات ص ١٤٣، وزاد المسير ٧/ ٤٧٢، والبحر، الموضع المذكور.
(٤) ساقط من هـ‍.
(٥) عدىّ بن الرّعلاء الغسّانى. الأصمعيات ص ١٥٢، وحماسة ابن الشجرى ١/ ١٩٥، والمنصف ٢/ ١٧،٣/ ٦٢، والعقد الفريد ٥/ ٤٩١، والصاهل والشاحج ص ٥٢٢، والكافى فى العروض والقوافى ص ١١٦، وغير ذلك كثير.
(٦) هذا البيت والذى بعده من أرجوزة تنسب لأبى محمد الفقعسى، وللعجّاج. أمالى القالى ١/ ٥٢، ٢/ ٢٤٤، والسّمط ١/ ٢٠٠،٢٠١، واللسان (غفف-أجن).