للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من حيث كانت مفعولا فيها، كما أن الظرف مفعول فيه، فمن حيث وقعت الظروف فى الأمر [العام (١)] وغيره بدلا من الفعل، فى قولهم: إليك ووراءك وعليك زيدا، ودونك عمرا، وجاءنى من عندك، والذى فى الدار زيد، كذلك وقعت الحال بدلا من الفعل. أراد أنّ إليك ووراءك، وقعا موقع: تنحّ وارجع، وعليك ودونك، وقعا موقع: الزم وخذ، ووقع الظرف فى قولك: جاءنى من عندك، والذى فى الدار زيد، موقع: استقرّ.

قال: فكما قامت هذه الظروف مقام الأفعال، وصارت بمنزلتها، فكان كلّ واحد منها بدلا من فعل، كذلك صار الحال فى قولهم: هنيئا بدلا من الفعل الذى هو اهنأ أو ليهنئك أو هنأك أو هنؤ، ولمّا اجتمع الظرف والحال فيما ذكرنا، من كون كلّ واحد منهما مفعولا فيه، اجتمعا فى أن عملت فيهما معانى الأفعال، نحو:

زيد فيها قائما، وكلّ (٢) يوم لك ثوب، ولولا ما ذكرناه من الشّبه بينهما ما كان من حكم المعنى أن يعمل فى الاسم المنتصب على الحال، ألا ترى أن الحال عبارة عن الاسم الذى يكون مفعولا به، فى نحو: ضربت زيدا مشدودا، فكما أن المفعول به لا تعمل فيه المعانى، كذلك كان القياس فيما هو عبارة عن المفعول به أن لا يعمل فيه المعنى، لولا ما حصل بين الظرف والحال من المناسبة.

قال: ومثل قوله: «اشرب هنيئا» فى أنّ «هنيئا» غير متعلّق باشرب، وإن كان ذلك فيه جائزا قبل أن يكون بدلا: انتفاء تعلّق الظرف فى نحو: عندك زيدا، /ودونك بكرا، بالفعل الذى صار الظرف بدلا منه، وإن كان تعلّقه به جائزا قبل أن يقع موقعه، ويعمل عمله، فصار إذا ذكرته معه فكأنك كرّرت الفعل


(١) لم ترد هذه فى نسخة الشيرازيات التى بيدىّ، وقد تصرّف ابن الشجرى بعض التصرف فى عبارة أبى على.
(٢) سبق تخريجه فى المجلس السابع عشر.