للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يجوز ظهور الفعل معه، لأنه قام مقامه، فصار عوضا عنه، فقوله: «هنيئا» لا تعلّق له باشرب، لأنه وقع موقع ليهنئك أو هنأك أو هنؤ، والتقدير: ليهنئك شربك. أو هنأك شربك، أو هنؤ شربك.

قال: ويدلّك على كونه بدلا من الفعل تعاقبهما على الموضع الواحد، كقوله (١):

أظفره الله فليهنئ له الظّفر

فهذا بمنزلة: فهنيئا له الظّفر، واستدلّ أيضا على أن هنيئا صار بدلا من اللفظ بالفعل، بأنه أجرى بلفظ الإفراد على الجميع، فى قوله تعالى: {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ} (٢) وقوله: {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. مُتَّكِئِينَ} (٣) أراد أنه قال تعالى: {هَنِيئاً} ولم يقل: هنئين، فأفرد بعد لفظ الجمع، لأن «هنيئا» ناب عن الفعل، فصار بدلا من اللفظ به، والفعل لا يجمع فكذلك ما ناب عنه، فصار بدلا منه، وأجاز فى «متّكئين» أن يكون حالا من الواو فى «كلوا» وأن يكون حالا من المضمر فى «هنيئا» قال: وكونه حالا من المضمر فى «هنيئا» أقيس، لأنه أقرب إليه.

/قال: وإذا ثبت أن «هنيئا» بدل من هنؤ أو هناك أو ليهنئك، لم يكن حالا من المضمر فى «اشرب» كما أن الفعل الذى هو بدل منه لا يكون كذلك، قال:

ووجه كون «هنيئا» بدلا من الفعل من جهة القياس: أن الحال مشبهة (٤) للظّرف،


(١) هو الأخطل. ديوانه ص ١٩٦، والكتاب ١/ ٣١٧، وشرح المفصل ١/ ١٢٣. وصدره: إلى امرئ لا تعرّينا نوافله ويعنى بامرئ: الخليفة عبد الملك بن مروان. ولا تعرّينا: أى لا تتركنا ولا تغفلنا. وانظر حواشى الكتاب.
(٢) سورة الحاقة ٢٤.
(٣) سورة الطور ١٩،٢٠.
(٤) انظر لهذه المشابهة ما سبق فى المجلس السابع عشر.