للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما يزيدهم التخويف، وقوله: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} (١) أى لكان الإيمان.

وقول الزجّاج فى تفسير قول الله تعالى: {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً} مخالف لقول أبى علىّ، وذاك أنه قال: إن «هنيئا» وقع وهو صفة فى موضع المصدر، فالمعنى:

كلوا واشربوا هنئتم هنيئا [وليهنئكم ما صرتم إليه هنيئا (٢)] أراد أن «هنيئا» وقع موقع هناء، كما وقع قائما وصائما فى قول القائل:

قم قائما قم قائما ... إنّى عسيت صائما (٣)

فى موضع صياما وقياما، وعكس هذا إيقاع المصدر موقع اسم الفاعل فى نحو:

{إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً} (٤) أى غائرا، وموقع/اسم المفعول فى نحو: قتلته صبرا، أى مصبورا.

وقول الزّجّاج أقيس من قول أبى علىّ، لأنه نصب «هنيئا» نصب المصدر،


(١) سورة آل عمران ١١٠.
(٢) ليس فى الأصل، وأثبته من هـ‍، ومعانى القرآن للزجاج ٥/ ٦٣، وسيأتى قريبا.
(٣) هكذا جاء الرجز. وقال ابن هشام، فيما حكاه عنه البغدادى فى الخزانة ٩/ ٣١٧: «وقد حرّف ابن الشجرى هذا الرجز، فأنشده: قم قائما قم قائما إنى عسيت صائما وإنما «قم قائما» صدر رجز آخر يأتى فى باب الحال، ولا يتركّب قوله: «إنى عسيت صائما» عليه، بل أصله: أكثرت فى العذل ملحّا دائما لا تكثرن إنى عسيت صائما» ومثل هذا ذكر العينىّ فى شرح الشواهد الكبرى ٢/ ١٦١، وهذا الرجز الأخير ينسب إلى رؤبة، وهو فى ملحقات ديوانه ص ١٨٥، والمقرب ١/ ١٠٠، والمغنى ص ١٦٤، ومعجم شواهد العربية ص ٥٣٣. أما الرجز الذى ذكر ابن هشام أنه يأتى فى باب الحال فهو: قم قائما قم قائما لاقيت عبدا نائما وسينشده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والأربعين.
(٤) الآية الأخيرة من سورة الملك. وقد كرّر ابن الشجرى ذلك. راجع ص ٨٢،٩٢.