للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنّا بريد إذ تحدّى جموعكم ... فلم تقربوه، المرزبان المسوّر (١)

فبارزه منّا غلام بصارم ... حسام إذا لاقى الضّريبة يبتر

قاله لبنى شيبان يوم ذى قار، وقد برز إسوار من عظماء الأعاجم مسوّر، فى أذنيه درّتان، فتحدّى للبراز، فنادى فى بنى شيبان، فلم يبارزه أحد، فدنا من بنى يشكر فدعا إلى البراز، فخرج إليه بريد (٢) بن حارثة، أخو بنى ثعلبة بن عمرو، فطعنه فأرماه عن فرسه، ثم نزل إليه فأجهز عليه ضربا بالسيف، وأخذ حليته وسلاحه، ففخر سويد بذلك على بنى شيبان.

وقوله: «تحدّى جموعكم» يقال: تحدّى فلان فلانا: إذا دعاه إلى أمر ليظهر عجزه فيه، ونازعه الغلبة فى قتال أو كلام أو غير ذلك، ويقول له إذا أراد ذلك منه: أنا حديّاك، أى أبرز لك وحدى (٣)، والنبىّ صلى الله عليه وآله وسلم تحدّى العرب قاطبة بالقرآن، حيث قالوا: افتراه، فأنزل الله عليه: {أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ} (٤) فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور تشاكل القرآن، قال تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} (٥) ثم كرّر هذا فقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} (٦) أى من كلام مثله، وقيل (٧): من


(١) البيتان مع بعض اختلاف فى الرواية، فى الأغانى ١٣/ ١٠٦، والأول فى النقائض ص ٦٤٣، بقافية منصوبة، وفيها «المسوّدا» بالدال، وأشار أبو عبيدة إلى رواية الراء.
(٢) فى الأغانى «يزيد» وكذلك فى النقائض، وفيها: «ويقال: بريد».
(٣) بهامش الأصل حاشية: «ليس قوله: «وحدى» بشىء؛ لأن التحدّى التتبّع، ومنه الحادى». وفى اللسان (حدى) عن التهذيب: «تقول: أنا حديّاك بهذا الأمر: أى ابرز لى وحدك وجارنى». وقد وجدت هذا الكلام فى التهذيب ٥/ ١٨٦، عن الليث، وليس فيه «وحدك». وفى المقاييس ٢/ ٣٥: «يقال: أنا حديّاك لهذا الأمر: أى ابرز لى فيه».
(٤) سورة هود ١٣.
(٥) سورة يونس ٣٨.
(٦) سورة البقرة ٢٣.
(٧) انظر خلاف أهل العلم حول ذلك فى طبقات الشافعية ١٠/ ٤٧ - ٧٢.