للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الشأن، أنا الله، ولا يلزم الجمل إذا كانت أخبارا عن ضمير الشأن أن تتضمّن عائدا إليه، لأن الجملة نفسها هى الشأن، فإن حكمت بأن التقدير: فليتك كان كفافا خيرك، فجائز، والعائد على اسم ليت الذى هو ضمير المخاطب الكاف من قوله: خيرك، /ومثله فى حذف الضمير على التقديرين (١) قول الآخر (٢):

فليت دفعت الهمّ عنّى ساعة ... فبتنا على ما خيّلت ناعمى بال

أراد: فليتك أو فليته.

فإن قلت: هل يجوز (٣) أن تنصب «كفافا» بليت، وتجعل «كان» مستغنية بمرفوعها، بمعنى حدث ووقع، وتخبر بالجملة التى هى كان وفاعلها عن كفاف؟

قيل: إن ذلك لا يصحّ، لخلوّ الجملة التى هى كان ومرفوعها من عائد على كفاف، فلو قلت: ليت زيدا قام عمرو، لم يجز لعدم ضمير فى اللفظ وفى التقدير، راجع على اسم ليت، فإن قلت: إليه أو معه، أو نحو ذلك، صحّ الكلام.

وأما قوله: «وشرّك (٤)» فقد روى مرفوعا ومنصوبا، فمن رفعه فبالعطف على اسم كان، و «مرتوى» فى رأى أبى علىّ خبره، وكان حقّ «مرتوى» أن ينتصب، لأنه معطوف على «كفافا» كما تقول: كان زيد جالسا وبكر قائما، تريد: وكان بكر قائما، فكأنه قال: ليتك أو ليت الشأن كان خيرك كفافا، وكان شرّك مرتويا


(١) فى الأصل وهـ‍: «على التقدير»، وأثبتّ ما فى الخزانة، ويقوّيه ما بعده. وصاحب الخزانة ينقل عن ابن الشجرى.
(٢) هو عدىّ بن زيد. والبيت فى ذيل ديوانه ص ١٦٢، وتخريجه فيه، وزد عليه: إيضاح شواهد الإيضاح ص ١٤٠، والتبيين ص ٣٣٩، والمواضع المذكورة من الإنصاف والمغنى والخزانة، والهمع ١/ ١٣٦،١٤٣، والأشباه والنظائر ٤/ ١٣٩ حكاية عن كتابنا. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والثلاثين.
(٣) حكى هذا البغدادىّ، وذكر أن ابن هشام تبع فيه ابن الشجرى. والذى ظهر لى من صنيع ابن هشام فى المغنى، أنه لم يرتض هذا الوجه من الإعراب، بل اقتصر على إيراده فقط، واختار الوجه السابق.
(٤) حكاه فى الخزانة، وأورد عليه كلاما، بيانه فى المجلس السابع والثلاثين إن شاء الله.