للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لا يُوقِنُونَ} (١) فى قراءة من خفّف النون، وحكم هذه النون حكم التنوين فى أنه لا ينفصل.

وأقول أيضا: إن النون التى تزاد فى التثنية والجمع، وإن كانت توافق التنوين، فى أنها تحذف فى الإضافة، فإنها تخالفه بثبوتها فى مواضع لا يثبت فيها التنوين، فمن ذلك ثبوتها مع الألف واللام، فى نحو: الزيدان والزيدون، وفى النداء فى قولهم:

يا زيدان ويا زيدون، وفى باب التّبرئة فى نحو: لا زيدين عندى، ولا زيدين، وإذا كانت النون مخالفة للتنوين بثبوتها فى هذه الأماكن، فليس بمستنكر أن يجوز ثباتها مع الضمير، وإن لم يجز ثبات التنوين.

والجواب الذى خطر لى فى امتناع ثبوت التنوين والنون مع الضمير: أن اتصال الاسم بالاسم يوجب عمل الأول فى الثانى، ولا يخلو الأول من أن يكون جامدا أو مشتقّا أو مضارعا للمشتقّ، والجامد على ضربين، مصدر وغير مصدر، فغير المصدر: كجمل وجبل وجعفر، فهذا الضرب لا يعمل فيما اتّصل به إلا الجرّ، تقول: جمل زيد، وجبلا (٢) طيّىء وجعفرو (٣) عشيرتكم، إلا ما كان من ذلك مقدارا، وما أشبه المقدار، فإنه ينصب النّكرات من أسماء الأجناس على التمييز، كقولك:

قفيز برّا، ومنوان سمنا، والمصدر يعمل الجرّ بحقّ الأصل، لأنه فى الجمود بمنزلة الجمل والجبل وجعفر، ويعمل النصب بحقّ الشّبه بالفعل، كقولك: ضرب زيد، وضرب زيدا، وكذلك المشتقّ يعمل الجرّ بحقّ الاسميّة، ويعمل النصب بحقّ مشابهته للفعل، وهو أسماء الفاعلين وأسماء المفعولين، ونحوهما من الصّفات، تقول: ضارب زيد، وضارب زيدا، وضاربا بكر وضاربان بكرا، وضاربو أخيك وضاربون أخاك، والمضارع للمشتقّ أسماء العدد، من نحو عشرين وثلاثين، ومضارعتها لأسماء الفاعلين من جهة قولك: عشرون وعشرين، كما تقول: ضاربون وضاربين، فهذا


(١) آخر سورة الروم. وهى قراءة ابن أبى عبلة، ويعقوب. البحر المحيط ٧/ ١٨٢.
(٢) هما أجا وسلمى.
(٣) فى هـ‍ «وجعفر» بالإفراد.