للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء فى التنزيل: {فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ} (١) وممّا جاء فيه أهل فى معنى مستأهل، قوله تعالى: {وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها} (٢) أى ومستأهليها.

وقد روى فى «دهر» الرفع والنصب، فالرفع رواية ابن جنّى والرّبعىّ، والنصب رواية الشاميّين، وعليها اعتمد المعرّى.

قال أبو الفتح: ارتفع «أهل» لأنه وصف لدهر، وارتفع «دهر» بفعل مضمر دلّ عليه أول الكلام، فكأنه قال: وليفخر دهر أهل لأن أمسيت من أهله، لا يتّجه رفعه إلاّ على هذا، لأنه ليس قبله مرفوع يجوز عطفه عليه، ولا وجه لرفعه بالابتداء، إلاّ على حذف الخبر، وليس فى قوّة إضمار الفعل هاهنا، انتهى كلامه (٣).

والمعرّى أسقط حكم الرفع، وذلك أنه قال: وبعض الناس يرفع «دهرا» ولا ينبغى أن يلتفت إليه، وعطف (٤) «دهرا» على «ثعلا» ورفع «أهل» بتقدير: هو أهل، وحكاية اللفظ الذى قدّره للنصب: كفى ثعلا فخرا أنك منهم، وكفى دهرا هو أهل لأن أمسيت من أهله أنه أهل، لكونك من أهله. وهذا قول فيه إسهاب كما ترى، وتكلّف شاقّ، والرفع، وإن كان فيه تكلّف إضمار فعل، أقرب متناولا وأصحّ معنى، وأكثر فائدة.

وحمل الربعىّ نصب «دهر» على أنه معطوف على اسم إنّ، وأهل خبر عنه، أى كفى ثعلا فخرا أنك منهم، وأن دهرا أهل لأن أمسيت من أهله، وهذا القول بعيد من حصول فائدة، ثم قال: والرفع أجود، على: وليفخر دهر، وهو روايتى، والنصب رواية شاميّة، ذكرتها لتعرف.


(١) سورة فاطر ٣٢، وراجع ما تقدم فى المجلس العاشر.
(٢) سورة الفتح ٢٦.
(٣) الفتح الوهبى ص ١٢٦، وهو الشرح الصغير لديوان المتنبى، وابن الشجرى كأنه ينقل من الشرح الكبير.
(٤) وهذا رأى ابن فورجة أيضا. راجع كتابه الفتح على أبى الفتح ص ٢٥٠، وذهب ابن سيده إلى ما ذهب إليه ابن جنى. انظر شرح مشكل شعر المتنبى ص ٥٦. وانظر تفسير أبيات المعانى ص ٢٠٧.