للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مفعول، فلذلك وجب حذف ياء قاض، دون التنوين، ولأن الكسرة قبل يائه تدلّ عليها، ولأن التنوين حرف صحيح، وقد تقدّم أن الساكنين إذا التقيا وأحدهما معتلّ وقع الحذف بالمعتلّ.

ومن حجج أبى الحسن أيضا: أن واو مفعول لو كانت هى المحذوفة، وقع بذلك لبس، بين اسم المفعول والمصدر الذى جاء على المفعل، كالمسير والمبيت.

وهذا القول ليس بشىء، لأن هذا النحو من المصادر إنما يوافق اسم المفعول، مما عينه ياء، فى هجائه وزنته، على قول الخليل وسيبويه، فالمصدر واسم المفعول فى مذهب الخليل وسيبويه، مثاله بعد النّقل من مفعل: مفعل، مكسور الفاء ساكن العين، وهما متّفقان على مذهب الأخفش فى الهجاء، وإن كانا مختلفين فى الزّنة، فوزن مبيع فى قوله، إذا أردت به اسم المفعول: مفيل، وإذا أردت به المصدر:

مفعل، بكسر الفاء وسكون العين، فاللفظ فى كلا القولين واحد، وإن اختلفا فى التقدير، فكيف يقع لبس بين المصدر واسم المفعول فى مذهب الخليل وسيبويه دون مذهبه؟ ولا فرق بينهما على المذهبين فى اللفظ، ثم إن اسم المفعول ينفصل من المصدر فى المعنى، بما يصحب كلّ واحد منهما من القرينة، كقولك: قبضت المبيع، وبعت الثوب مبيعا، وهل اتفاق المصدر واسم المفعول هاهنا إلا كاتّفاقهما فى الزّنة، إذا بنيتهما ممّا جاوز الثلاثة، نحو أكرم ودحرج واستخرج، والقرائن فارقة بينهما، تقول: أخوك المكرم، وعدلك المدحرج، ومالك المستخرج، وأكرمت زيدا مكرما، ودحرجت العدل مدحرجا، واستخرجت المال مستخرجا، ومنه: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً} (١) أى إنزالا، وقرأ بعض أصحاب الشّواذّ: {وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} (٢) أى إكرام.


(١) سورة المؤمنون ٢٩.
(٢) سورة الحج ١٨، وقراءة (مكرم) بفتح الراء قرأ بها ابن أبى عبلة، وذكرها أبو معاذ. راجع البحر ٦/ ٣٥٩، ومختصر فى شواذّ القراءات ص ٩٤، وذكرها الفرّاء من غير عزو. معانى القرآن-