للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حجّة سيبويه والخليل: أن الظاهر من ثبات (١) الياء حذف واو مفعول، فثبات الياء فى مبيع، يدلّ على أن المحذوف واو مبيوع، ولو كانت الياء ذاهبة والواو ثابتة، لقالوا مبوع، وادّعاء الأخفش أن ياء مبيع أصلها واو مبيوع، ليس بظاهر، والأخذ بالظاهر أولى.

وشيء آخر يحتجّ به عليه: وذلك أنه يزعم أنهم يفرّقون بين ذوات الياء وذوات الواو، بإبدال الضمة كسرة فى الجمع، من نحو: بيض وعين، كراهة أن يقولوا:

بوض وعون، فيلتبس بنحو سود وعور، قال: ولو صغت مثال فعل من البياض، أريد به واحدا لقلت: بوض، والخليل وسيبويه يريان هذا الفرق فى الجموع والآحاد، فيقال للأخفش، فى قوله: إنهم أبدلوا من الضمة فى مبيوع كسرة، فانقلبت واو مفعول ياء، لئلاّ تلتبس ذوات الياء بذوات الواو: قد تركت أصلك، لأنك تزعم أن هذا مختصّ (٢) به الجمع دون الواحد.

ومما يحتجّ به عليه: أنهم قالوا من الشّوب: مشوب ومشيب، وقالوا: غار منول (٣) ومنيل، وهو من النّول، فلو كانت الواو (٤) من مقول هى واو مفعول لم تقلب ياء فى مشيب ومنيل، لأنّ واو مفعول لا تقلب ياء، إلا أن تدغم فى الياء فى نحو مرميّ ومخشىّ، فلمّا قالوا فى مشوب: مشيب، دلّ على أنّ واو مشوب عين قلبت ياء، كما قلبت عين حور للإتباع ياء، فى قوله (٥):


= ٢/ ٢١٩، وذكرها القرطبى فى تفسيره ١٢/ ٢٤، حكاية عن الأخفش والكسائىّ والفراء.
(١) فى الأصل: بنات.
(٢) فى هـ‍: «تزعم أن يختصّ. . .». وكلام ابن الشجرى هنا فى الاحتجاج على الأخفش مسلوخ من كلام المبرد فى المقتضب ١/ ١٠١.
(٣) قال أبو علىّ الفارسى: «معناه ينال ما فيه». المنصف ١/ ٢٨٩.
(٤) فى هـ‍ «فلو كانت الواو مقول»، وجعلها مصحح الطبعة الهندية: فلو كانت واو مقول».
(٥) من أرجوزة تنسب إلى منظور بن مرثد. النوادر لأبى زيد ص ٢٣٦، والمنصف ١/ ٢٨٨، وشرح المفصل ٤/ ١١٤،١٠/ ٧٩، ومعجم الشواهد ص ٤٧١.