للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه زيادة ألحقت بهذا الجزء، فى شهر ربيع الآخر من سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، ولم تعدّ فى مجالسه، وهى مضمّنة فوائد جمّة.

منها الكلام فى قوله عزّ وجل: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} (١) قيل فى الإنسان هاهنا قولان: أحدهما أنه آدم عليه السلام، والآخر: أنّ المراد به الناس، كما جاء: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ} (٢) فلذلك استثنى منه فقيل: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} واختلف فى «هل» هاهنا فقيل: هى بمعنى قد، وقيل: هى على بابها فى الاستفهام.

قال بعض المفسّرين (٣) والأحسن أن تكون للاستفهام الذى معناه التقرير، وإنما هو تقرير لمن أنكر البعث، فلا بدّ أن يقول: نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه، فيقال له: فالذى أحدث الناس وكوّنهم بعد عدمهم، كيف يمتنع عليه إحياؤهم بعد موتهم؟ وهى معنى (٤) قوله: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} (٥) أى فهلاّ تذكّرون فتعلمون أنّ من أنشأ شيئا بعد أن لم يكن، قادر على إعادته بعد عدمه.

وقال أبو إسحاق الزجاج (٦) قوله عزّ وجلّ: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} المعنى: ألم يأت على الإنسان حين من الدّهر، وإنما قال: لم يكن شيئا مذكورا؛ لأنه كان ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح، ويجوز أن يعنى به جميع الناس، أنهم كانوا نطفا ثم علقا ثم مضغا، إلى أن صاروا شيئا مذكورا.


(١) أول سورة الإنسان.
(٢) سورة العصر ٢،٣.
(٣) راجع تأويل مشكل القرآن ص ٥٣٨، والخصائص ٢/ ٤٦٢، والصاحبى ص ٢٩٥، ورصف المبانى ص ٤٠٧، والجنى الدانى ص ٣٤٤، والمغنى ص ٣٨٨.
(٤) فى هـ‍ «بمعنى» وما فى الأصل مثله فى المغنى، وفيه هذا الكلام دون عزو.
(٥) سورة الواقعة ٦٢.
(٦) فى معانى القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥٧، مع بعض اختلاف.