للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من كلّ إنسان ذمّه حمد، ولا يجوز أن يكون بمعنى الذى، لأن «كلاّ» لا تضاف إلى (١) واحد معرفة، /إلا أن يكون مما يصحّ تبعيضه، كقولك: رأيت كلّ البلد، ولا تقول: لقيت كلّ الرجل الذى أكرمته، فإن قلت: لقيت كلّ رجل أكرمته، حسن ذلك، وصحّت إضافته إلى المفرد النكرة، كما تصحّ إضافته إلى الجمع المعرفة، نحو: لقيت كلّ الرجال الذين أكرمتهم، وقد ذكرت «من» إذا كانت نكرة موصوفة فى مواضع (٢).

وقال وقد عرض عليه ابن طغج سيفا، فأشار به أبو الطيّب إلى رجل من الحاضرين كان يشنؤه:

أتأذن لى ولك السّابقات ... أجرّبه لك فى ذا الفتى (٣)

يقال فى قوله: «أتأذن» أهو استفهام صريح، أم المراد به غير الاستفهام؟ ويقال: السابقات صفة لمحذوف، فما تقدير المحذوف؟ ويقال: هل لهذه الجملة، أعنى «ولك السابقات» موضع من الإعراب؟ ويقال: ما معنى هذه الواو؟ ويقال: كم حذفا فى قوله: «أجرّبه»، وما معنى «لك» هاهنا؟ ولو قال:

أجرّبه، استغنى الكلام عن لك.

الجواب: أنّ قوله: «أتأذن (٤)» استفهام لفظى، وهو فى المعنى طلب، كأنه قال: ائذن لى، ومثل ذلك فى التنزيل: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} (٥) والمعنى: أسلموا.

وأما السابقات، فتقدير موصوفها: الحسنات السابقات، أو الأيادى


(١) هذا من قول ابن جنى، فإنه أفاد أن «كلاّ» لا يضاف إلاّ إلى النكرة التى فى معنى الجنس. حكاه عنه السيوطىّ فى الأشباه والنظائر ٣/ ١٣١، وراجع كتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم ٣/ ١٤٧.
(٢) عقد لها فصلا فى المجلس الرابع والسبعين.
(٣) ديوانه ١/ ٣٦.
(٤) فى هـ‍: أتأذن لى.
(٥) الآية العشرون من سورة آل عمران.