للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبى الفتح، ولو وضع منشد «حبا» فى موضع «حابى» لم يكسر الوزن، لأنّ الجزء الذى هو حابى: مستفعلن، فإذا وضعت مكانه «حبا» دخله الزّحاف الذى يسمّى الخبن، فصار مفاعلن.

وهو من البحر المسمّى السّريع، ولكنّ التعويل فى مثل هذا على الرّواية. وممّا جاء فيه يحابى بمعنى يبارى فى الحباء، قول سبرة بن عمرو الفقعسىّ:

أعيّرتنا ألبانها ولحومها ... وذلك عار يا ابن ريطة ظاهر (١)

[ظاهر هاهنا: بمعنى زائل (٢)].

نحابى بها أكفاءنا ونهينها ... ونشرب فى أثمانها ونقامر

فقوله: «نحابى بها أكفاءنا» لا يكون إلاّ بمعنى نباريهم فى الحباء، وقد ورد أحابى فى شعر زهير بمعنى أخصّ، وذلك فى قوله (٣):

أحابى به ميتا بنخل وأبتغى ... إخاءك بالقيل الذى أنا قائل

قالوا: أراد أحابى بهذا الشّعر ميتا بنخل، يعنى بالميّت أبا الممدوح، أى أخصّه به، ونخل: أرض (٤) بها قبره.

والإعراب فى هذا البيت كالإعراب فى قول أبى الفتح، لا فرق بينهما إلا من جهة أن «حابى» فى قول أبى الفتح بمعنى أعطى، وأحابى هاهنا بمعنى أخصّ، ولو قال قائل: إن «أحابى به» فى بيت زهير بمعنى أحبو به، لم يبعد قوله من الصواب، لأنّ فى مدح الابن الحىّ طيب ذكر للأب الميّت.


(١) البيتان فى شرح الحماسة للمرزوقى ص ٢٣٨، ومعجم البلدان ٤/ ٤٩، فى رسم (قراقر)، والخزانة ٩/ ٥٠٣،٥٠٤.
(٢) لم يرد هذا الشرح فى هـ‍، ولا عجب أن يجيء هكذا بين البيتين، فهذا هو أسلوب الأمالى، وله نظائر أخرى فى كتابنا هذا. وانظر مثلا ص ٢٣٤.
(٣) ديوانه ص ٢٩٩، ومعجم البلدان ٤/ ٧٦٩، فى رسم (نخل).
(٤) على مرحلتين من المدينة، وقيل: موضع بنجد من أرض غطفان.